لم يرَ مثلهما، للجمع بين حسن الافتتاح والاختتام. ألا ترى أن الخُطب والرسائل والقصائد، وغير ذلك من أنواع الكلام، يُنظر فيها إلى حسن افتتاحها واختتامها.
والوجه الثالث: أنه لمّا أمر القارىء أن يفتح قراءته بالتعوُّذ من الشيطان الرجيم، ختم القرآن بالمعوذتين ليحصل الاستعاذة بالله عند أول القراءة وعند آخر ما يقرأ من القرآن، فتكون الاستعاذة قد اشتملت على طرفي الابتداء والانتهاء، فيكون القارىء محفوظاً بحفظ الله، الذي استعاذ به مِن أول أمره إلى آخره. هـ.
الإشارة: لا يُنجي من الوسوسة بالكلية إلاّ التحقُّق بمقام الفناء الكلي، وتعمير القلب بأنوار التجليات الملكوتية والأسرار الجبروتيه، حتى يمتلىء القلب بالله فحينئذ تنقلب وسوسته في أسرار التوحيد فكرةً ونظرةً وشهوداً للذات الأقدس، كما قال الشاعر:
إن كَانَ للنَّاسِ وسوَاسٌ يُوسوِسُهُم ... فَأَنتَ واللَّهِ وَسواسِي وخَنَّاسِي
وبالله التوفيق. وهو الهادي إلى سواء الطريق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه، وسلّم تسليماً.
كَمِل " البحر المديد في تفسير القرآن المجيد " بحول الله وقوته. نسأل الله سبحانه أن يكسوه جلباب القبول، ويُبلغ به كل مَن طالعه، أو حصّله القصدَ والمأمول، بجاه سيد الأولين والآخرين، سيدنا ومولانا محمد، خاتم النبيين وإمام المرسلين. وعُمْدَتنا فيه: تفسير البيضاوي، وأبي السعود، وحاشية شيخ شيوخنا سيدي عبد الرحمن الفاسي، وشيء من تفسير ابن جزي والثعلبي والقشيري. وكان الفراغ من تبييضه زوال يوم الأحد، سادس ربيع النبوي، عام واحد وعشرين ومائتين وألف، على يد جامعه، العبد الضعيف، الفقير إلى مولاه، أحمد بن محمد بن عجيبة الحَسَنِي، لطف الله به في الدارين. آمين، وآخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين.