تنبيه: وقع اختلاف كثير في اللفظ بين هذا الموضع من هذه السورة وبين سورة البقرة، في فَانْفَجَرَتْ وفَانْبَجَسَتْ، وقوله: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا ووَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا، وقوله هنا: وَكُلُوا، وهناك فَكُلُوا. فقال الزمخشري: لا بأس باختلاف العبارتين، إذا لم يكن هناك تناقض. ووجّه بعضهم الفرق بأن ما في هذه السورة سيق في محل الغضب والعقاب على عبادة العجل، وما في سورة البقرة سيق في محل الامتنان، فلذلك عبّر هنا بانبحست لأنه أقل من انفجرت، وعبَّر هنا بقيل مبنيًا للمجهول تحقيرًا لهم أن يذكر نفسه لهم، وعبَّر هنا بالسكنى لأنه أشق من الدخول ويستلزمه، وعبَّر هنا بالواو لأن السكنى تجامع الأكل، بخلاف الدخول، فإن الأكل مسبب عنه، فعبَّر بالفاء، وزاد في البقرة الواو في: سَنَزِيدُ، كأنه نعمة أخرى، بخلاف هذا، وزاد هنا مِنْهُمْ لتقدم ذكرهم في قوله: وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ، وعبّر هنا بالظلم لأنه أعم من الفسق وغيره. والله تعالى أعلم.
قلت:(إذ يَعْدُون) : بدل من (القرية) ، بدل اشتمال، أو منصوب بكانت، أو بحاضرة، و (إذ تأتيهم) : منصوب بيعدون، و (سبتهم) : مصدر مضاف للفاعل، يقال: سبت اليهود سبتًا: إذا عظم يوم السبت وقطع شغله فيه، و (شُرَّعًا) : حال، ومعناه: ظاهرة قريبة منهم، يقال: شرع منه فلان إذا دنا منه.
يقول الحق جلّ جلاله: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ أي: اليهود، سؤال تقرير وتوبيخ على تقديم عصيانهم وعما هو من معلومهم، الذي لا يعلم إلا بتعليم أو وحي، وقد تحققوا أنك أُمي، فيكون ذلك معجزة وحجة عليهم، عَنِ الْقَرْيَةِ أي: عن خبرها وما وقع لها، الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ قريبة منه، وهي «إيلة» ، قرية بين مدين والطور، على شاطىء البحر، وقيل: مدين، وقيل: طبرية، إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ: يتجاوزون حدود الله