شهود القدرة، وكان محجوباً عن الله. ومن نفذ إلى شهود القدرة ولم يرتبط مع الأسباب والعوائد كان عارفاً محبوباً. فالعارف الكامل هو الذي جمع بين شهود القدرة وإقرار الحكمة، فأعطى كل ذي حق حقه، وَوَفَّى كلَّ ذي قسط قسطه، لكن يكون ذلك ذوقاً وكشفاً، لا علماً وتقليداً. وبالله تعالى التوفيق:
ثم رغّب فى الإخلاص، وحذّر من شوب الحظوظ فى النفقة، فقال:
قلت: النذْر: هو إلزَامُ المكلف نفسه ما لم يَجب، كقوله: لله عليَّ أن أتصدق بكذا، أو أصلي كذا، أو أن أصوم كذا، أو إن شفى الله مريضي فعليَّ كذا، فمن نطق بشيء من ذلك لزمه، ومن علق بشيء وحصل ذلك لزمه ما نطق به. و (نعما) أصلها: نِعم ما هي، فأدغمت الميم في الميم، وفي (نعم) : ثلاث لغات: «نعم» بفتح النون وكسر العين وهي الأصل، وبسكونها، وبكسر النون وسكون العين، فمن قرأ بكسر النون والعين، فعلى لغة كسر العين، وأتبع النون للعين، ومن اختلس، أشار إلى لغة السكون، ومن قرأ بفتح النون وكسر العين، فعلى الأصل وأدغم المثلين، ومن قرأ بفتح النون وسكون العين فعلى لغة (نعم) بالفتح والسكون، ثم أدغم، ولم يعتبر التقاء الساكنين لعروضه، أو لكون الثاني مُشدَّداً سهل ذلك. والله أعلم.
ومن قرأ:(ونكَّفرْ) ، بالجزم، فعطف على محل الجزاء، ومن قرأ بالرفع، فعلى الاستئناف، أي: ونحن نكفر، أو: فهو يكفر، على القراءتين.
يقول الحق جلّ جلاله: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ قليلة أو كثيرة، سرّاً أو علانية، في حق أو باطل، أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ بشرط أو بغير شرط، في طاعة أو معصية، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ، فيجازيكم عليه، فمن أنفق في طاعة أو نذر قربة كان من المحسنين، ومن أنفق في معصية أو نذر معصية كان من الظالمين. وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ينصرونهم من عذاب الله.
إِنْ تُظهروا الصَّدَقاتِ، مخلصين فيها، فَنِعِمَّا هِيَ أي: فنعم شيئاً إبداؤها، ولا سيما للمقتدى به، فهو أفضل في حقه، وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ خفيه فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لأنه أقرب للإخلاص، وهذا