للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القشيري: قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الأمر في هذه الآية مضمر، أي: قولوا: اهدنا.

والصراط المستقيم: طريق الحق، وهو ما عليه أهل التوحيد، أي: أرشدْنا إلى الحق لئلا نتكل على وسائط المعاملات، فيقعَ على وجه التوحيد غُبَارُ الظنون والحسابات لتكون دليلنا عليك. ثم قال: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ أي: الواصلين بك إليك، ثم قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بنسيان التوفيق والتَّعامِي عن رؤية التأييد، وَلَا الضَّالِّينَ عن شهودِ سابقِ الاختيار، وجريان تصاريف الأقدار. هـ.

[تتمات:]

الأولى: هذه السورة جمعت معانى القرآن كلّها، فكأنها نسخة مختصرة منه، ولذلك سميت أمّ القرآن، فالإلهيات حاصلة من قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، والدار الآخرة من قوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، والعبادات كلّها من الاعتقادات والأحكام الظاهرة التي تقتضيها الأوامر والنواهي، من قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ والمقامات وأسرار المعاملات الباطنة- تخلية وتحلية- من قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ والأنبياء وغيرهم من قوله: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وذكر طوائف الكفار من قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.

وقال الشيخ ابن أبي جمرة رضى الله عنه فى بيان تضمنها لكتاب الله: إن لفظ (الحمد) يتضمن كل ما في كتاب الله من الحمد والشكر لأن الحمد أعمّ من الشكر، وأتى بالعام ليدل على الصفتين. ولفظة (الله) تدل على ما فى الكتاب العزيز من أسماء الترفيع والتعظيم لأنه قيل: أنه اسم الله الأعظم، ولفظ: رَبِّ الْعالَمِينَ يدل على ما فيه من أسماء الله، سبحانه، وعلى العوالم وعلى اختلافها وخالقها والمتصرف فيها. ولفظ: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يتضمن كل ما فى الكتاب من المغفرة والرحمة والإنعام والعفو والإفضال، ولفظ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يدل على ما فيه من ذكر الآخرة وما فيه من الأهوال، ولفظ إِيَّاكَ نَعْبُدُ يتضمن ما فيه من التعبّدات وإفراده بالألوهية، ولفظ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يدل على ما فيه من طلب الاستعانة وذكر الاضطرار، ولفظ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ يتضمن ما فيه من طلب الهداية إلى سبيل الخير، ولفظ: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يتضمن ما فيه من ذكر الخصوص والمرضىّ عنهم والمعفوّ عنهم وأهل السعادة، ولفظ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ يتضمن ما فيه من أنواع الكفر والمخالفات ومساوئهم ومآلهم فاستحقّت أن تسمى أمّا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>