فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ حسب دعائه فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ المملوء بهم وبما لا بد لهم منه. ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ أي: بعد إنجائهم الْباقِينَ من قومه، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الممتنع القاهر بإهانة من جحد وأصر. والله تعالى أعلم.
الإشارة: قال القشيري: أخبر عن كل واحد من الأنبياء بقوله: وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ليَعْلَمَ الكافةُ أنه من عَمِلَ له فلا ينبغي أن يطلب الأجر من غيره، ففي هذا تنبيهٌ للعلماء- الذين هم ورثة الأنبياء- أن يتأدبوا بآدابهم، وألاّ يطلبوا من الناس شيئاً في بث علومهم، ولا يرتفقون منهم بتعليمهم، والتذكير لهم، ومن ارتفق من المستمعين في بث فائدة يذكرها من الدين، يَعِظُ بها المسلمين، فلا بارك الله للمسلمين فيما يَسْمعون منه، ولا للعلماءِ أيضاً بركةٌ فيما منهم يأخذون، فيبيعون دينَهم بَعَرَضٍ يسيرٍ، ثم لا برضكة لهم فيه، إذ لا يتقربون به إلى الله، ولا ينتفعون به، ويحصلون على سخط من الله. هـ.
قلت: أما ما يأخذه العالم من الأحباس فلا يدخل في هذا إذ ليس فيه تكلف من أحد، وكذلك ما يأخذه الواعظ على وجه الزيارة والهدية، من غير استشراف نفسٍ ولا طمعٍ ولا تكلفٍ. والله تعالى أعلم.