بالطاعة، يطلبها أيهم أقرب، أي: الذي هو أقرب، فكيف بغير الأقرب؟ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ كسائر العباد، فكيف يزعمون أنهم آلهة؟ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً مخوفًا، أي: حقيقًا بأن يحذره كل أحد، حتى الرسل والملائكة. أعاذنا الله من جميعه. آمين.
الإشارة: كل ما دخل عالم التكوين لزمته القهرية والعبودية، فهو عاجز عن إصلاح نفسه، فكيف يصلح غيره؟
ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه، فكيف يدفع عن غيره؟ فارفع همتك، أيها العبد، إلى مولاك، وأنزل حوائجك كلها به دون أحد سواه، فكل ما سواه مفتقر إليه، والفقير المضطر لا ينفع نفسه، فكيف ينفع غيره؟ والله يتولى هداك.
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ أي: أهلها، إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ بالموت والاستئصال، أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً بالقتل وغيره، كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ في اللوح المحفوظ مَسْطُوراً مكتوبًا. وقال في المستخرج: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها الصالحة بالإفناء، والطالحةُ بالبلاء، أو معذبوها بالسيف إذا ظهر فيهم الزنى والربا. هـ. قال ابن جزي: رُوي أن هلاك مكة بالحبشة، والمدينة بالجوع، والكوفة بالترك، والأندلس بالخيل. ثم قال: وأما هلاك قرطبة وأشبيلية وطُليطلة وغيرها، فبأخذ الروم لها.
هـ. قلت: قد استولى العدو على الأندلس كلها فهو خرابها. أعاد الله عمارتها بالإسلام. آمين.
وقال في حُسْن المحاضرة: وأخرج الحاكم في المستدرك عن كعب قال: الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية- والجزيرة أرض بالبصرة، وموضع باليمامة، لا جزيرة الأندلس- ثم قال: ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة: والكوفة آمنة من الخراب حتى تخرب مصر، ولا تكون الملحمة حتى تخرب الكوفة، ولا تفتح مدينة الكفر حتى تكون الملحمة، ولا يخرج الدجال حتى تُفتح مدينة الكفر. قال: وأخرج الديلمي في مسند الفردوس، وأورده القرطبي في التذكرة من حديث حذيفة مرفوعًا: يبدو الخراب في أطراف الأرض، حتى تخرب مصر، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب البصرة، وخراب البصرة من العراق، وخراب مصر من جفاف النيل، وخراب مكة من الحبشة، وخراب المدينة من الجوع، وخراب اليمن من الجراد، وخراب الأُبُلَّةِ من الحِصار، وخراب فارس من الصعاليك، وخراب الترك من الديلم، وخراب الديلم من الأرمن، وخراب الأرمن من الخَرز، وخراب