للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال له أيضا:

بَدَا لَكَ سِرٌّ طَالَ عَنْكَ اكْتتَامُهُ ... وَلاَحَ صَبَاحُ كُنْتَ أنْتَ ظَلاَمُهُ

فَأنْتَ حِجَابُ القَلْبِ عَنْ سِرِّ غَيبهِ ... وَلَوْلاَكَ لَمْ يُطْبَعْ عليه ختامه

إذا غِبْتَ عَنْهُ حَلَّ فِيهِ وَطَنَّبَتْ «١» ... عَلَى مَوْكبِ الكَشْفِ المصُونِ خِيَامُهُ

وَجَاء حَدِيثٌ لا يُمَلُّ سَمَاعُهُ ... شَهِيٌّ إليْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ

إذَا سَمِعَتْهُ النَّفْسُ طَابَ نَعِيمُهَا ... وَزَالَ عَنِ القَلْبِ المُعَنَّى غرامه «٢»

ثم عاتب العباد على عدم النهوض إلى الجهاد، فقال:

[[سورة النساء (٤) : آية ٧٥]]

وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (٧٥)

قلت: (ما) مبتدأ. و (لكم) خبر. و (لا تقاتلون) حال، و (المستضعفين) عطف على اسم الجلالة، أي: أي شيء حصل لكم حال كونكم غير مجاهدين في سبيل الله وفي تخليص المستضعفين؟ و (الظالم) نعت للقرية، وإنما ذُكَّر ولم يؤنث، لأنه أسند إلى المذكر، واسم الفاعل إذا جرى على غير مَن هُوَ لَهُ أجرى مجرى الفعل، فيذكر ويؤنث باعتبار الفاعل.

يقول الحق جلّ جلاله: وَما لَكُمْ يا معشر المسلمين لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وفي تخليص إخوانكم الْمُسْتَضْعَفِينَ بمكة، الذين حبسهم العدو أو أسرهم ومنعهم من الهجرة مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ، فهم في أيديهم مغللون ممتحنون. قال البيضاوي: وإنما ذكر الولدان مبالغة في الحث وتنبيهًا على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان، وأن دعوتهم أجيبت بسبب مشاركتهم في الدعاء، حتى تشاركوا في استنزال الرحمة واستدفاع البلية. هـ.

ثم ذكر دعاءهم فقال: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ أي: مكة الظَّالِمِ أَهْلُها بالشرك والطغيان حتى تعدى إلى النساء والصبيان. وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يصوننا عن أذاهم، وَنَصِيراً يمنعنا


(١) الطنب- بضمتين-: الحبل الذي تشد به الخيمة ونحوها.
(٢) الأبيات لأبى العباس العريف، أنظر: إيقاظ الهمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>