ووقانا عذاب السموم، وهو الحرص والجزع، والانقطاع عن الحبيب، ولولا فضله ما تخلّصنا منه، إنّا كنا من قبل الوصول ندعوه أن يأخذ بأيدينا، ويجذبنا إلى حضرته، ويرحمنا بالوصول، ويبرّ بنا، إنه هو البر بمزيده، الرحيم بمَن ينيب إليه.
ثم أمر نبيّه باستمراره على ما أمره به من التذكير فيما سلف، فقال:
يقول الحق جلّ جلاله: فَذَكِّرْ أي: فاثبت على ما أنت عليه من تذكير الناس وموعظتهم، فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ أي: بحمده وإنعامه عليك بالنبوة ورجاحة العقل بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ كما زعموا، قاتلهم الله أنَّى يؤفكون، أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ أي: حوادث الدهر، أي: ننتظر به نوائب الزمان حتى يهلك كما هلك الشعراء من قبله، زهير والنابغة. و «أم» في هذه الآي منقطعة بمعنى «بل» .
وقد جرب أنّ مَن تربص موت أحد لِينال رئاسته، أو ما عنده، لا يموت إلا قبله.
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ أي: عقولهم بِهذا التناقض في المقالات، فإنَّ الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر في الأمور، والمجنون مُغطى عقله، مختل فكره، والشاعر يقول ما لا يفعل، فكيف يجتمع أوصاف هؤلاء في