للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استثناء من الضمير المجرور في قوله: إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ، وذلك هو الذي يقتضيه المعنى. هـ. أي: إنا لمنجوهم من العذاب إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ الباقين في العذاب مع الكفرة لتهلك معهم، وقرأ أبو بكر عن عاصم: «قدرنا» بالتخفيف، وهما لغتان، يقال: قدّر الله كذا وقدره. قال البيضاوي: وإنما علق، والتعليق من خواص أفعال القلوب لتضمنه معنى العلم، ويجوز أن يكون (قدرنا) : أجرى مجرى قلنا لأن التقدير بمعنى القضاء قول، وأصله: جعل الشيء على مقدار غيره، وإسناد التقدير إلى إنفسهم، وهو فعل الله تعالى لما لهم من القرب والاختصاص. هـ.

قلت: وفيه إشارة إلى حذف الوسائط، كما هو توحيد المحققين. والله تعالى أعلم.

الإشارة: لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية، فالوجل والخوف والفرح والحزن والتعجب والاستعظام للأشياء الغريبة، كل ذلك من وصف البشر، يقع من الخصوص وغيرهم، لكن فرق بين خاطر وساكن فالخصوص تهجم عليهم ولا تثبت، بخلاف العموم.

ويؤخذ من الآية: أن صحبة الخصوص لا تنفع إلا مع الاعتقاد والتعظيم، فإنَّ امرأة نبي الله لوط كانت متصلة به حساً، ومصاحبة له، ولم ينفعها ذلك، حيث لم يكن لها فيه اعتقاد ولا تعظيم. وكذلك صحبة الأولياء: لا تنفع إلا مع الصدق والتعظيم. وقول ابن عطاء الله: «سبحان مَن لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه.

ولم يوصل إليهم إلا مَن أراد أن يوصله إليه» : مقيد بوصول التعظيم والاعتقاد، والاستماع والاتباع. والله تعالى أعلم.

ثم ذكر قصة هلاك قوم لوط، فقال:

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦١ الى ٧٧]

فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥)

وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦) وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠)

قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)

وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>