وقال القشيري على قوله: وَمَكَرُوا مَكْراً ... الآية: مَكْرُ اللهِ: جزاؤهم على مَكْرِهم، بإخفاء ما أراد منهم من العقوبة، ثم إحلالها بهم بغتةً. هـ. وقال الورتجبي: حقيقة المكر: امتناع سر الأزلية عن مطالعة الخليفة، فإذا كان كذلك من ينجو من مكره، والحدث لا يطلع على سوابق علمه في القِدم، فمَكْره وقهره صفتان من صفاته، لا تفارقان ذاته، وذاته أبدية، انظر تمامه. قلت: ومعنى كلامه: أن مكر الله في الجملة: هو إخفاء السر الأزلي- وهو القضاء والقدر- عن مطالعة الخلق، فلا يدري أحد ما سَبق له في العلم القديم، وإذا كان كذلك فلا ينجوا أحد من مكره إذ الحدث لا يطلع على سوابق العلم القديم، إلا من اطلع عليه بوحي، كالأنبياء، أو بنص صريح منهم، كالمبشرين بالجنة، ومع ذلك: العارف لا يقف مع وعد ولا وعيد إذ قد يتوقف على شرط وأسباب خفية، ولذلك قيل: العارف لا يسكن إلى الله. قاله في لطائف المنن، أيّ: لا يسْكُن إلى وعد الله ولا وعيده، فلا يزول اضطراره، ولا يكون مع غير الله قراره.
وقال القشيري- على قوله: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً..، في الخبر:«لو كان الظلم بيتاً في الجنة لسلط الله عليه الخراب» . هـ. قلت: فكل مَن اشتغل بظلم العباد، فعن قريب ترى دياره بلاقع «١» ، كما هو مجرب. والله تعالى أعلم.