للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سورة الشّورى «١»

مكية. وهى خمس وثلاثون آية، ومناسبتها لما قبلها قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ إلى قوله:

حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ «٢» أي: إن القرآن حق، أي: وحي من الله، مع قوله: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ، فهى كالتتمة لما قبلها. قال تعالى:

[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤)

تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥)

يقول الحق جلّ جلاله: حم. عسق يُشير- والله أعلم- بكل حرف إلى وصف يدلّ على تعظيم قدر حبيبه صلّى الله عليه وسلم، فالحاء: أحبَبْنَاك، أو: حبيْناك، أي: أَعطيناك الملك والملكوت، والميم: ملَّكناك، والعين: عَلَّمناك ما لم تكن تعلم، أو: عيّناك للرسالة، والسين: سيّدناك، والقاف: قرّبناك. كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ أي: كما خصصناك بهذه الخصائص العظام أوحينا إليك وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ، فقد خصصناهم ببعض ذلك، وأوحينا إليهم، وفي ابن عطية: عن ابن عباس: أن هذه الحروف بأعيانها نزلت في كل كتب الله، المنزلة على كل نبيّ أُنزل عليه كتاب، ولذلك قال تعالى: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ «٣» . وقال القشيري: الحاء: مفتاح اسمه حكيم وحفيظ، والميم: مفتاح اسمه مالك وماجد ومؤمن ومهيمن، والعين: مفتاح اسمه عليم وعليّ، والسين: مفتاح اسمه سيد وسميع وسريع الحساب، والقاف: مفتاح اسمه قادر وقاهر وقريب وقدوس، أقسم الله تعالى بهذه الحروف أنه كذلك يُوحي إليك يا محمد. هـ.


(١) أول المجلد الرّابع فى النّسخة الأم.
(٢) من الآية ٥٣ من سورة فصلت.
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٢٥) وعزاه للثعلبى، وانظر: تفسير البغوي (٧/ ١٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>