الحديث الأول: في الصالحين المتوجهين من أهل الظاهر، والثاني- يعني تمرري.. الخ- في الأولياء العارفين من أهل الباطن. هـ. ويقال له أيضًا- إن تجرد وألقى الدنيا من يده وقلبه: اضم يدَ فكرتك إلى قلبك، تخرج بيضاء نورانية صافية، لا تخليط فيها ولا نقص، هي آية أخرى، بعد آية التجريد والصبر على مشاقه.
وقال في اللباب: اليد: يدَ الفكر، والجيب: جيب الفهم، وخروجها بيضاء بالعرفان. هـ. قال الورتجبي: أرى الله موسى من يده أكبر آية، وذلك أنه ألبس أنوار يد قدرته يد موسى، فكان يَدُ موسى يدَ قدرة الله، من حيث التخلق والاتصاف، كما في حديث:«كنت له سمعًا وبصرًا ولسانًا ويدًا» . هـ. وبالله التوفيق.
قلت:(هارُونَ) : مفعول أول، و (وَزِيراً) : مفعول ثان، قُدّم اعتناء بشأن الوزارة، و (لِي) : صلة، لا جعل، أو متعلق بمحذوف حال من (وَزِيراً) لأنه صفة له في الأصل. و (مِنْ أَهْلِي) : إما صفة وزيرًا، أو صلة لا جعل، وقيل: إن (لِي وَزِيراً) : مفعولاً اجعل، و (هارُونَ) : عطف بيان لوزير. و (أَخِي) في الوجهين: بدل من هارون، أو عطف بيان آخر.
يقول الحق جلّ جلاله، لنبيه موسى عليه السلام: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ بما رأيته من الآيات الكبرى. وادعه إلى عبادتي وحدي، وحذره من نقمتي، إِنَّهُ طَغى أي: جاوز الحدّ في التكبر والعتو والتجبر، حتى تجاسر على دعوى الربوبية. قالَ موسى عليه السلام مستعينًا بربه عزّ وجلّ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي أي: وسعه حتى لا يضيق بحمل أعباء الرسالة، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي أي: سهِّله حتى لا يصعب عليَّ شيء أقصده. والجملة استئنافية بيانية، كأن سائلاً قال: فماذا قال عليه السلام، حين أُمر بهذا الأمر الخطير والخطب العسير؟ فقيل: قال رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي ... الخ.
كأنه، لما أُمر بهذا الخطاب الجليل، تضرع إلى ربه الجليل، وأظهر عجزه وضعفه، وسأل ربه تعالى أن يوسع صدره، ويَفْسَح قلبه، ويجعله عليمًا بشؤون الناس وأحوالهم، حليمًا صفوحًا عنهم، ليلتقي ما عسى أن يرد عليه من