الشيخ تائبين. وكذلك قضية معروف الكرخي مع أصحاب السفينة، الذين كانوا مشتغلين باللهو واللعب، فقال له أصحابه: ادع عليهم، فقال: اللهم كما فرَّحتَهم في الدنيا ففرِّحْهُم في الآخرة، فتابوا على يده جميعاً. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
قلت:(يوم) : متعلق بالاستقرار في خبر (أولئك) ، أو بالذكر محذوفة، وقوله:(أكفرتم) : محكي بقول محذوف جواب (أما) ، أي: فيقال لهم: أكفرتم.
يقول الحق جلّ جلاله: وَلا تَكُونُوا كاليهود والنصارى الذين (تفرقوا) في التوحيد والتنزيه، وَاخْتَلَفُوا في أحوال الآخرة. قال عليه الصلاة والسلام:«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة. قيل: ومَنْ تلك الواحدة؟ قال: ما أَنَا وأَصْحابِي عَلَيْه» . وهذا الحديث أصح مما تقدم، والصحابة يروْوُن الحديث بالمعنى، فلعلَّ الأول نسي بعض الحديث. والله أعلم.
ثم إن النهي مخصوص بالتفرق في الأصول دون الفروع، لقوله عليه الصلاة والسلام:«اخْتلاَفُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» ، ولقوله:«من اجْتَهَدَ وأصَابَ فله أجْرَانِ، ومن اجْتَهدَ وأخطَأَ فَلَهُ أجْرٌ وَاحد» .
ثم إن أهل الكتاب تفرقوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ أي: الآيات والحجج المبينة للحق الموجبة للاتفاق عليه، وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، يستقر لهم هذا العذاب يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ المؤمنين المتقين على التوحيد، وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ الكافرين المتفرقين فيه، أو تبيض وجوه المخلصين وتسود وجوه المنافقين، أو تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة. وبياض الوجوه وسوادها كِنَايتَان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف