للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقسم: أقروا بها، وطلبوا الدخول فيها، لكن غلبتهم الأقدار، وأظهروا غاية الاعتذار، وتحقق عذرهم عند الواحد القهار، وإليهم الإشارة بقوله تعالى:

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٩١ الى ٩٣]

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (٩٢) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٩٣)

قلت: جواب «إذا» يحتمل أن يكون (تولوا) ، وجملة (قُلتَ) : حال من الكاف في (أتوك) ، أي: أتوك قائلاً:

لا أجد.. الخ، ويحتمل أن يكون الجوابُ: «قلتَ» ، و (تولوا) استئناف لبيان حالهم حينئذٍ، و (من الدمع) : للبيان، وهي، مع المجرور، في محل نصب على التمييز، فهو أبلغ من تفيض دمعُها لأنه يدل على أن العين صارت دمعاً فياضاً، و (حزناً) : علة، أو حال، أو مصدر لفعل دل عليه ما قبله، و (ألا يجدوا) : متعلق به، أي: حزناً على ألاّ يجدوا ما ينفقون، و (إنما السبيل) راجع لقوله: (ما على المحسنين من سبيل) .

يقول الحق جلّ جلاله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ كالهرْمى، وَلا عَلَى الْمَرْضى كالزّمْنَى ومن أضناه المرض، وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ في الغزو حَرَجٌ أي: لا حَرج على هؤلاء في التخلُّف عن الغزو، إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ بالإيمان والطاعة في السر والعلانية. قيل: نزلت في بني مُقرن، وهم ستة إخوة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلّم، وقيل: في عبد الله بن مُغفل.

ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ أي: ليس عليهم جناح، ولا إلى معاتبتهم سبيل، وإنما وضع المحسنين موضع المضمر للدلالة على أنهم منخرطون في سلك المحسنين، غير معاتبين في ذلك، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ بالمسيء فكيف بالمحسنين؟ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ معك إلى الغزو، وهم البكاءون سبعة من الأنصار: مَعقِل بن يَسَار، وصَخْر بن خنساء، وعبد الله بن كعب، وسالم بن عُمَيْر، وثعلبة بن غنمة «١» ،


(١) فى الأصل: خثمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>