قلت:(أن) مخفف: نافية، فاعل نزّل، و (يكفر) و (يُستهزأ) ، حالان من الآيات، وضمير (معهم) : يعود على الكفار المفهوم من (يكفر) ، وضمير (غيره) يعود على الكفر والاستهزاء، وهما شيء واحد.
يقول الحق جلّ جلاله في التحذير من مجالسة أهل الكفر والمعاصي: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ يا معشر المسلمين في القرآن في سورة الأنعام، أنه إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ حال كونها يُكْفَرُ بِها، وَيُسْتَهْزَأُ بِها، فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ بل قوموا عنهم، إن لم تقدروا أن تنكروا عليهم، والآية التي في سورة الإنعام قوله تعالى:
وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ الآية. فما داموا في الخوض فاعرضوا عنهم حتى يخوضوا في حديث غير الخوض، فإن جلستم معهم في حال الخوض فإنكم إِذاً مِثْلُهُمْ في الإثم، إن لم ترضوا، أو في الكفر، إن رضيتم بخوضهم.
نزلت في قوم من المنافقين كانوا يجلسون إلى أحبار اليهود، فيسخرون من القرآن، ويكذبون به ويحرفونه، فنهى المسلمين عن مجالستهم، قال ابن عباس: ودخل في هذه الآية كُلُّ مُحدِث في الدين ومُبتدعٍ إلى يوم القيامة. هـ.
الإشارة: أولياء الله آيات من آيات الله: فمن استهزأ بهم فقد استوجب المقت من الله، وكل موطن يقع فيه الإنكار عليهم أو الغض من مرتبتهم، يجب الفرار منه، لأنه موطن الغضب ومحل الهلاك والعَطب، فإن لحوم الأولياء سموم قاتلة، واللعنة على من يقع فيهم حاصلة، فمن جلس مع أهل الخوض من غير عذر، كان من الخائضين، ومن فرّ منهم كان من الناجين، ومن أنكر على من يقع فيهم كان من المجاهدين. والله تعالى أعلم.