للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعارف: هذا الذي أنت عليه من سلوك جادة الطريق، وعلم التحقيق، هو الحق من ربك فلا تكونن من الممترين إنك على الحق المبين.

ثم بين الحق تعالى قبلة من بعد عن مكة، فقال:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٤٨ الى ١٤٩]

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩)

قلت: التنوين فى (لكل) تنوين العوض، أي ولكل أمة قبلة، أو لكل قوم من المسلمين جهة وجانب من الكعبة، و (وجهة) مبتدأ، والخبر: المجرور قبله. و (هو) مبتدأ، و (موليها) خبر مقصور، و (ولّى) يتعدى إلى مفعولين، وهو هنا محذوف، أي: موليها وجهه إن كان الضمير يعود على المضاف المحذوف، ويحتمل أن يعود على الله تعالى، أي: الله تعالى موليها إياه، أي: يجعلها موالية له إن استقبل جهتها.

وقرأ ابن عامر: (هو مُوَلاَّها) بالبناء للمفعول، فالنائب ضمير يعود على (هو) ، وهو المفعول الأول، والثاني:

المضاف إليه تخفيفا، وأصله: مولى إياها، أي مصروفاً إليها.

يقول الحق جلّ جلاله: ولكل فريق من المسلمين جهة من الكعبة يستقبلها ويوليها وجهه، أينما كان وحيثما حل، فأكثروا من الصلوات، واستقبلوا الخيرات قبل هجوم هادم اللذات، أَيْنَما تَكُونُوا في مشارق الأرض ومغاربها، يأتكم الممات، ويأت بكم إلى المحشر حُفاة عراة، ولا ينفعكم حينئذ إلا صالح عمل قدمتوه، أو فعل خير أسلفتموه، نَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

، فلا يعجزه بعث العباد، ولا جمعهم من أعماق الأرض وأقطار البلاد. وإذا علمت أن لكل قوم جهة يستقبلونها، فمن حَيْثُ خَرَجْتَ وفي أي مكان حللت فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، والله إِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فبادر إلى امتثاله، وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ من خير أو شر، فيجازي كل واحد على ما أسلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>