للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عرّف بذاته بتعريف أسمائه، فقال:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٨٠]]

وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)

يقول الحق جلّ جلاله: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى تسعة وتسعين، فَادْعُوهُ بِها أي: سموه بها. قال ابن جزي: أي: سموه بأسمائه، وهذا إباحة لإطلاق الأسماء على الله سبحانه، فأما ما ورد منها في القرآن والحديث فيجوز إطلاقه على الله إجماعًا، وأما ما لم يرد، وفيه مدح ولا تتعلق به شُبهة، فأجاز أبو بكر بن الطيب إطلاقه على الله، ومنع ذلك أبو الحسن الأشعري وغيره، ورأوا أن أسماء الله تعالى موقوفة على ما ورد في القرآن والحديث. وقد ورد في حديث الترمذي عدتها «١» ، أعني: تعيين التسعة والتسعين.

واختلف أهل الحديث: هل هي مرفوعة أو موقوفة على أبي هريرة؟ والذي في الصحيح: «إنَّ للهِ تِسعَةً وتِسعِينَ اسْمًا، مائَةً إلاَ وَاحِدًا، مَن أحصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ» «٢» . وهل الإحصاء بالحفظ أو بالعلم أو بالتخلق أو بالتعلق أو بالتحقق؟ أقوال. قلت: كونها موقوفة بعيد جدًا إذ ليس هذا مما يقال بالرأي.

وسبب نزول الآية: أن أبا جهل سمع بعض الصحابة يقرأ، فيذكر الله مرة، والرحمن أخرى، فقال: يزعم محمد أن الإله واحد، وها هو يعبد آلهة كثيرة، فنزلت الآية مُبيِّنة أن تلك الأسماء الكثيرة هي لمسمى واحد، و (الحسنى) :

مصدر وُصف به، أو تأنيث أحسن، وحسن أسماء الله هي أنها صفة مدح وتعظيم وتحميد، وقيل: الدعاء بها:

التوسل بكل واحد منها.

قال تعالى: وَذَرُوا أي: اتركوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ أي: يميلون فِي أَسْمائِهِ عن الكمال إما بتعطيلها، أو إنكار شيء منها، وإما بزيادة فيها، مما يوهم نقصًا أو فسادًا.

قال القشيري: الإلحاد: هو الميل عن القصد، وذلك على وجهين: بالزيادة والنقصان فأهل التمثيل زادوا فألحدوا، وأهل التعطيل نقصوا فألحدوا. هـ. قال البيضاوي: أي: اتركوا تسمية الزائغين فيها، الذين يسمونه بما لا توقيف فيه، إذ ربما يوهم معنىً فاسدًا، كقولهم: يا أبا المكارم، يا أبيض الوجه، أو لا تبالُوا بإنكارهم ما سمى به نفسه، كقولهم: ما نعرف إلا رحمان اليمامة، أو: وذروهم وإلحادهم فيها بإطلاقها على الأصنام، واشتقاقها منه كاللات من الله، والعزى من العزيز، فلا توافقوهم عليه، أو أعرضوا عنهم ولا تحاوروهم. هـ.


(١) أخرج حديث الأسماء الحسنى الترمذي فى (الدعوات باب ٨٣) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه. [.....]
(٢) أخرجه البخاري فى (الدعوات- باب لله مائة اسم غير واحد) ومسلم فى (الذكر والدعاء- باب فى أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها) . من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- مرفوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>