يشكر، سُلب منها ولم يشعر، والشكر: أَلا يُعْصَى الله بنعمه، كما قال الجنيد رضى الله عنه. والله تعالى أعلم ومن جملة كفران النعم، نقض العهد، كما أبان ذلك بقوله:
قلت:(فهم لا يؤمنون) : جملة معطوفة على جملة الصلة، والفاء للتنبيه على أن تحقق المعطوف عليه يستدعى تحقق المعطوف، و (الذين عاهدت) : بدل بعضٍ من (الذين كفروا) ، و (فشرد) : جواب (إما) ، والتشريد: تفريق على اضطراب.
يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ منزلة الَّذِينَ كَفَرُوا، تحقق كفرهم، وسبق به القدر، فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أبدًا لِمَا سبق لهم من الشقاء. نزلت فى قوم مخصوصين، وهم بنو قريظة، الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ أي: أخذت عَليهم العهد ألا يعاونوا عليك الكفار، ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أي: يخونون عهدك المرة بعد المرة، فأعانوا المشركين بالسلاح يوم أُحد، وقالوا: نسينا، ثم عاهدهم، فنكثوا ومالؤوهم عليه يوم الخندق، وركب كعبُ بن الأشرف في ملأ منهم إلى مكة، فحالفوا المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقتل مقاتلتهم وسبا ذراريهم، وَهُمْ لا يَتَّقُونَ شؤم الغدر وتبعته، أو: لا يتقون الله في ذلك الغدر ونصرته للمؤمنين وتسليطه إياهم عليهم.
قال تعالى لنبيه عليه الصلاة السلام: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ أي: مهما تصادفهم وتظفر بهم فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ أي: فرِّق عنك من يُناصبك بسبب تنكيلهم وقتلهم، أو نكِّل بهم مَنْ خَلْفَهُمْ بأن تفعل بهم من النقمة ما يزجرُ غيرهم لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ أي: لعل من خلفهم يتعظون فينزجروا عن حربك.
فاطرح إليهم عهدهم عَلى سَواءٍ أي: على عدل وطريق قصد في العداوة، ولا تناجزهم بالحرب قبل العلم بالنبذ، فإنه يكون خيانة منك، أو على سواء في العلم بنقض العهد، فتستوي معهم في العلم بنقض العهد، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ أي: لا يرضى فعلهم، وهو تعليل للأمر بالنبذ والنهي عن مناجزة القتال المدلول عليه بالحال.