القلوب، ما تحققون به عبوديتكم، ومن نتائج الأفكار ما تُشاهدون به عظمة ربكم، ويأمركم أن تقوموا بالعدل فى جميع شئونكم، فتعطوا الشريعة حقها والطريقة حقها، وتحفظوا أسرار الحقيقة عن غير مستحقها، والله لا يضيع أجر المحسنين.
قلت: امرأة: فاعل بفعل يُفسره ما بعده، وأصل (يَصَّالِحَا) : يتصالحا، فأدغمت، و (صُلحًا) مصدر. وقرأ الكوفيون: يُصلحا من الرباعي، فتنصب صُلحًا على المفعول به، أو المصدر، و (بينهما) ظرف، أو حال منه، وجملة (الصلح خير) : معترضة، وكذا: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ، ولذلك اغتفر عدم تجانسهما.
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ وتوقعت من زوجها نُشُوزاً أي: ترفعًا عن صحبتها، وتجافيًا عنها، كراهية لها، ومنعًا لحقوقها، أَوْ إِعْراضاً عنها، بأن يترك مجالستها، ومحادثتها، فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أن يتصالحا بَيْنَهُما صُلْحاً بإن تحط له من مهرها، أو من قسمها مع ضرتها، أو تهب له شيئًا تستميله به.
نزلت في سعد بن الربيع، تزوج على امرأته شابةً، وآثرها عليها. وقيل: في رجل كبرت امرأته، وله معها أولاد، فأراد طلاقها ليتزوج، فقالت له: دعني على أولادي، وأقسم لي في كل شهرين أو أكثر، أو لا تقسم. فذكر ذلك للنبى صلّى الله عليه وسلم فقال له:«قد سمع الله ما تقول، فإن شاء أجابك» ، فنزلت. وقيل: نزلت في سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لما كبرت، أراد- عليه الصلاة والسلام- أن يُفارقها، فقالت: أمسكني في نسائك ولا تقسم لي، فقد وهبتُ نوبتي لعائشة، فإني أريد أن أُبعث في نسائك.
ثم رغَّب في الصلح فقال: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ من المفارقة، أو من سوء العشرة والخصومة، أو خير في نفسه، ولا يكون إلا مع ترك بعض حق النفس من أحد الخصمين، فلذلك ثقل على النفس فشحت به، وإليه أشار بقوله:
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ أي: جعلته حاضرًا لديها لا يفارقها، لأنها مطبوعة عليه، فالمرأة لا تكاد تسمح للزوج من حقها، ولا تسخو بشيء تعطيه لزوجها، والزوج لا يكاد يصبر على إمساكها وإحسان عشرتها إذا كَرِهها،