الإشارة: تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره من أعظم ما يُقرب إلى الله، ويوصل إلى رضوان الله، ويدخل العبد على مولاه لأنه باب الله الأعظم، والواسطة الكبرى بين الله وبين عباده، فمن عظَّمه صلى الله عليه وسلم وبجّله وخدمه أتم الخدمة، أدخله الحضرة، على التوقير والتعظيم والهيبة والإجلال. ومن حاد عن متابعتة فقد أتى البيت من غير بابه كمن دخل حضرة الملك بالتسور، فيستحق القتل والطرد والبُعد. وإدخاله على الله: دلالته على من يعرفه بالله، وقد يوصله بلا واسطة، لكنه نادر. ومن أهمل هذا الجانب واستصغره طرده الله وأبعده، وانسحب عليه قوله: وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً، وكان ممن اتخذ إلهه هواه، وكان كالبهائم، أو أضل لأن من اتبع الواسطة كان هواه تابعاً لما جاء من عند الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَواهُ تَبعاً لِمَا جئتُ به» .
وبالله التوفيق.
ثم ذكر دلائل توحيده، بعد بيان من غفل عنها وضل، فقال:
يقول الحق جلّ جلاله: أَلَمْ تَرَ يا محمد إِلى رَبِّكَ أي: ألم تنظر إلى بديع صنع ربك ودلائل قدرته وتوحيده. والتعرُّض لعنوان الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره- عليه الصلاة والسلام-، لتشريفه وتبجيله، وللإيذان بأن ما يعقبه من آثار قدرته ورحمته، كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ أي: بسطه حتى عمَّ الأرض، وذلك من حين طلوع الفجر إلى وقت طلوع الشمس، في قول الجمهور لأنه ظل ممدود، لا شمس معه ولا ظلمة، فهو شبيه بظل الجنة. وقيل: مد ظل الأشياء الشاخصة أول النهار من شجر، أو مدر، أو إنسان، ثم قبضها وردها إلى المشرق.
وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي: دائماً لا يزول ولا تُذهبه الشمس، أو: لا ينتقص بسيرها. ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ