للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتحققه. كَذلِكَ أي: مثل ذلك الضلال الفظيع يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ حيث لا يهتدون إلى شيء ينفعهم في الآخرة، أو: كما ضلّ عنهم آلهتهم يُضلهم الله عن آلهتهم، حتى لو تطالبوا لم يتصادفوا.

ذلِكُمْ الإضلال بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ أي: تبطرون وتتكبرون بِغَيْرِ الْحَقِّ، بل بالشرك والطغيان، وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ تفخرون وتختالون، أو: تتكبرون وتعجبون. والالتفات إلى الخطاب للمبالغة في التوبيخ. فيقال لهم: ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ أي: أبوابها السبعة المقسومة عليكم خالِدِينَ فِيها مقدّراً خلودكم فيها، فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ عن الحق، والمخصوص محذوف، أي: جهنّم.

الإشارة: الأولياء العارفون أهل التربية الكاملة، آية من آيات الله في كل زمان، فيقال في حق مَن يُخاصم في وجودهم، ويتنكّب عن صحبتهم: الذين يجادلون في آيات الله أنَّى يُصرفون؟ وهم الذين كذَّبوا بأسرار الكتاب، وعلوم باطنه، وبما أرسل به خلفاء الرسل، ممن يغوص على تلك الأسرار، فسوف يعلمون حين تخاطبهم أغلال الوساوس والخواطر، وسلاسل العلائق والشواغل، فيقبضهم عن النهوض إلى قضاء الشهود والعيان، وجولان الفكرة في أنوار الملكوت وأسرار الجبروت، يُسحبون في حرّ التدبير والاختيار، ثم في نار القطيعة يُسْجَرون، ثم قيل لهم إذا ماتوا: أين ما كنتم تُشركون في المحبة والميل من دون الله؟ قالوا: ضلُّوا عنا، وغاب عنهم كل ما تمتعوا به من الحظوظ والشهوات، فيقال لهم: ذلكم بما كنتم تنبسطون في الدنيا في أنواع المآكل، والمشارب، والملابس، والمناكح، وبما كنتم تفتخرون على الناس، فيخلدون في الحجاب، إلا في وقت مخصوص. وبالله التوفيق.

ثم أمر بالصبر وانتظار الفتح، فقال:

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٧٧ الى ٧٨]

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>