للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا نِسائِهِنَّ أي: نساء المؤمنات، فلا حجاب عليهن، وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ من العبيد والإماء.

وقيل: من الإماء خاصة، وأما العبيد فهم كالأجانب. وهو المشهور، وَاتَّقِينَ اللَّهَ فيما أُمِرتُن به من الحجاب، وما نزل فيه الوحي من الاستتار، واحتطن في ذلك. ونقل الكلام فيه من الغيبة إلى الخطاب لشدة التهديد، ولذا قال: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً عالماً يعلم خطرات القلوب وهواجسها، فيعاتب عليها.

الإشارة: ما قيل في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يُقال في نساء المشايخ والعلماء، فتحتجبن من جميع الخلق، إلا من محارمهن، ولا يمنعهن من إدخال محارمهن عليهن إلا جامد أو جاهل، ولا ينبغي لأحد أن يمنع زوجه من لقاء محرمها والدخول عليها إلا لفساد بيّن. وبالله التوفيق.

ثم أمر بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وحضّ عليها، بعد أن أمر بتعظيمه واحترامه، فقال:

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٦]]

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦)

يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه.

وقال صاحب المُغني: الصواب عندي: أن الصلاة لغة بمعنى واحد، وهو العطف، ثم العطف بالنسبة إلى الله تعالى:

الرحمة، وإلى الملائكة: الاستغفار، وإلى الآدميين: دعاء. واختاره السُّهيلي قبله. والمراد بالرحمة منه تعالى غايتها، وهو إفاضة الخير والإحسان، لا رقة القلب، الذي هو معنى الرحمة حقيقة. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ أي: قولوا: اللهم صلِّ على محمد- أو: صلى الله على محمد. وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي: قولوا: اللهم سلّم على محمد، أو: صلّ وسلِّم على محمد، أو: انقادوا لأمره وحكمه، انقياداً كليًّا.

وعن كعب بن عُجْرَة: قلنا: يا رَسُولَ الله، أما السلام عليك، فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا اللهم صلِّ على مُحمدٍ وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم، إنك حميد مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما بَارَكْت على إبراهيمَ، إنك حميد مجيد» «١» . ومعرفتهم السلام من التشهُّد. والصلاة على غير الأنبياء


(١) أخرجه البخاري فى (التفسير- سورة الأحزاب، باب: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ح ٤٧٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>