وقال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. وقال فيه شيخه: نعم الرجل أبو العباس، يأتيه البدويُّ يبول على ساقه، فلا يُمسي إلا وقد أوصله إلى ربه. وقال شيخ شيوخنا سيدي العربي بن عبد الله: لو أتاني يهودي أو نصراني، لَمْ يُمْسِ إلا وقد أوصلته إلى الله. هـ. وفي كل زمان رجال يُغْنُونَ بالنظر، وقد أدركتهم، وصحبتُهم والحمد لله. والإشارة بقوله: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إلى أهل الغنى بالله، يتصدقون على الفقراء بالنظرة والهمة، حتى يحصل لهم الغنى بالله. والله تعالى أعلم.
ثم أمر الحق تعالى بتحصين الأموال بتقييد الديون والإشهاد عليها، فقال:
يقول الحق جلّ جلاله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ أي: داين بعضكم بعضاً فى بيع أو سلف، إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي: معلوم بالأيام أو الأشهر، لا بالحصاد أو قدوم الحاج، ألا في السَّلمَ، فَاكْتُبُوهُ لأنه أوثق وأدفع للنزاع. والجمهور: أن الأمر للاستحباب، وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ لا يزيد ولا ينقص، ولا بد أن يكون عدلا حتى يجيىء مكتوبه موثوقاً به، وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ أي: ولا يمتنع كاتب من الكتابة كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ أي: فليكتب كما علمه الله من كتابه الوثائق، أو: لا يأب أن ينفع الناس بكتابته كما نفعه الله بتعليمها. وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ أي: وليكن المُملي مَنْ عليه الحق لأنه المُقر للشهود، يقال: أملل وأملي، إذا ذكر ما عنده أو ما عليه، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ أي: المملي أو الكاتب، وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً أي: ولا ينقص من الحق الذي عليه شيئاً في الإملاء أو في الكتابة.