يقول الحق جلّ جلاله: فبسبب ظلم مِنَ الَّذِينَ هادُوا وهو نقضهم الميثاق، وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء، حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ كانت أُحِلَّتْ لَهُمْ كالشحوم، وكل ذي ظفر، وغير ذلك من لذيذ الطيبات، وكانوا كلما ارتكبوا كبيرة حرّم عليهم شيئًا من الطيّبات، وحرّمنا ذلك أيضًا عليهم بِصَدِّهِمْ عن طريق اللَّهِ صدًّا كَثِيراً، أي: بإعراضهم عنه إعراضًا كثيرًا، أو بصدهم عنه ناسًا كثيرًا كانوا يُخَذِّلونَهُم عن الدخول في دين الله، وبأخذهم الربا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ، فهو محرم عليهم وعلى الأمة المحمدية، وبأكلهم أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ كالرشوة وما كانوا يأخذونه من عوامهم، وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ بمحمد صلى الله عليه وسلم عَذاباً أَلِيماً، دون من تاب وآمن به.
الإشارة: اعلم أن كل غفلة ومعصية وسوء أدب يحرم مرتكبه بسببه من لذيذ الطاعات وحلاوة المشاهدات على قدره، شعر أو لم يشعر، وقد يبعده من الحضرة وهو لا يشعر، مكرًا واستدراجًا، فإذا أصر عليه سلب من مقام الولاية بالكلية، ولا يزال ينقص إيمانه شيئًا فشيئًا، حتى يتفلت منه، والعياذ بالله، وإذا بادر بالتوبة رجى قبوله، وكل يقظة وطاعة وحسن أدب يوجب لصاحبه الزلفى والقرب من الحضرة، ويزيده في حلاوة المعاملة والمشاهدة على قدره، فلا يزال يتقرب إليه بنوافل الخيرات، حتى يحبه فيتولاه، فيكون سمعه وبصره، كما في الحديث.