يقول الحق جلّ جلاله: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً اثني عشر برجاً، وهي: الحَمَل، والثور، والجَوْزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، والبرج عبارة عن قطعة في الفلك تقطعها الشمس في شهر فتقطع البروج كلها في سنة، ستة يمانية، وستة شمالية، وهي مختلفة الهيئات والخواص، على ما دلّ عليه الرصد والتجربة. وكل ذلك بقدرة المدبر الحكيم. قال تعالى: وَزَيَّنَّاها بالأشكال والهيئات البهية لِلنَّاظِرِينَ المعتبرين ليستدلوا بها على قدرة مبدعها، وتوحيد صانعها.
وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ: مرجوم، فلا يقدر أن يصعد إليها ليسترق السمع منها، أو يوسوس أهلها، أو يتصرف في أمرها، أو يطلع على أحوالها.
إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ أي: حفظناها من الشياطين، إلا من استرق منها. والاستراق: الاختلاس، رُوي أنهم يركبون بعضهم بعضاً حتى يصلوا إلى السماء، فيسمعون أخبار السماء من الغيب، فيخطف الجن الكلمة قبل الرمي فيلقيها إلى الكهنة، ويخلط معها مائة كذبة، كما فى الصحيح. ورُوي عن ابن عباس: أنهم كانوا لا يحجبون عن السماوات، فلما وُلد عيسى عليه السلام مُنعوا من ثلاث سماوات، فلما ولد محمد صلى الله عليه وسلم مُنعوا من كلها بالشهب. وقيل:
الاستثناء منقطع، أي: ولكن من استرق السمع، فَأَتْبَعَهُ لحقه شِهابٌ مُبِينٌ ظاهر للمبصرين. والشهاب:
شُعلة نار يقتبسها الملك من النجم، ثم يضرب به المسترق، وقيل: النجوم هي التي تضرب بنفسها، فإذا أصابت الشيطان قتلته أو خبلته فيصير غولاً.
ثم ذكر معجزة الأرض فقال: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها: بسطناها، وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ جبالا ثوابت، وَأَنْبَتْنا فِيها في الأرض، أو فيها وفى الجبال مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ مقدر بمقدار معين تقتضيه