يقول الحق جلّ جلاله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا وتزيدوا فيها إذا حلَّ الأجل أَضْعافاً مُضاعَفَةً، ولعل التخصيص بحسب الواقع، إذ كان الرجل يَحُلُّ أجلُ دَيْنِهِ، فيقول للمدين: إما أن تقضي وإما أن تزيد، فلا يزال يؤخره ويزيد في دينه حتى يستغرق مال المدين، فنُهوا عن ذلك. ورغبهم في التقوى التي هي غنى الدارين. فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما نهيتكم عنه، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ في الدارين. ثم خوفهم بالنار إن لم ينتهوا، فقال: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ، وفيه إشعار بأن النار موجودة إذ لا يُعدُّ المعدوم، وأنها بالذات معدة للكافرين، وبالعرض للعاصين.
قال الورتجبي: في الآية إشارة إلى أن النار لم تعد للمؤمنين، ولم تخلق لهم، ولكن خوفهم بها زجراً وعظة، كالأب البار المشفق على ولده يخوفه بالأسد والسيف، وهو لا يضربه بالسيف، ولا يلقيه إلى الأسد، فهذه الآية تلطف وشفقة على عباده. هـ.
وَأَطِيعُوا اللَّهَ فيما أمر ونهى، وَالرَّسُولَ فيما شرع وسَنَّ، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. والتعبير بلعل وعسى في أمثال هذه: دليل على عون التوصل إلى ما جعل طريقاً له.
وَسارِعُوا أي: بادروا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ كالإسلام والتوبة والإخلاص، وسائر الطاعات التي توجب المغفرة، وقرأ نافع وابن عامر بغير واو على الاستئناف. وسارعوا أيضاً إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ لو وصل بعضها ببعض، وذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة لأنه دون الطول. قال بعضهم: لم يُرد العَرض الذي هو ضد الطول، وإنما أراد عظمها، ومعناه: كعرض السموات السبع والأرضين السبع في ظنكم، أي: لا تدرك ببيان. أُعِدَّتْ أي: هُيِّئَتْ لِلْمُتَّقِينَ. وفيه دليل على أنَّ الجنة مخلوقة، وأنها خارجة عن هذا العالم.