قلت:(من ذَكَرٍ أو أنثى) : حال من الضمير في (يعمل) ، وكذا قوله: وَهُوَ مُؤْمِنٌ و (حنيفًا) ، حال من (إبراهيم) لأنه جزء ما أضيف إليه.
يقول الحق جلّ جلاله: وَمَنْ يَعْمَلْ شيئاً مَنْ الأعمال الصَّالِحاتِ وهو المهم من المكلف به، إذ لا طاقة للبشر على الإتيان بكلها. حال كون العامل مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى إذ النساء شقائق الرجال في طلب الأعمال، والحالة أن العامل مُؤْمِنٌ لأن الإيمان شرط في قبول الأعمال، فلا ثواب على عمل ليس معه إيمان.
ثم ذكر الجواب فقال: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أي: يتصفون بالدخول، أو يُدخلهم الله الجنة، وَلا يُظْلَمُونَ أي: لا ينقصون من ثواب أعمالهم نَقِيراً أي: مقداره، وهو النقرة في ظهر النواة. قال البيضاوي: وإذا لم ينقص ثواب المطيع فبالأحرى ألا يزيد في عقاب العاصي، لأن المجازي أرحَمُ الراحمين. هـ.
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ أي: لا أحد أحسن دينًا ممن انقاد بكليته إلى مولاه وَهُوَ مُحْسِنٌ أي: مُوَحَّدٌ أحسَنَ فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين عباد الله، وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً بأن دخل في الدين المحمدي الذي هو موافق لملة إبراهيم بل هو عينه، فمن ادعى أنه على ملة إبراهيم ولم يدخل فيه فقد كذب.
ثم ذكر ما يحث على اتباع ملته، فقال: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا أي: اصطفاه وخصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله، وإنما أعاد ذكره ولم يضمر تفخيمًا له وتنصيصًا على أنه الممدوح، وسمي خليلاً لأنه قد تخللت محبة الله في جميع أجزائه.