الذي يناولهُ المسْكِين» . وقال أيضا: صلى الله عليه وسلّم «إنّ الصدقةَ لتسُدُّ سَبعينَ باباً من السوء» . وقال أيضا صلى الله عليه وسلّم:«صنائِع المعْرُوف تقي مَصارعَ السُّوءِ، وصدقةُ السِّر تُطفِئ غَضَبَ الربِّ، وصِلةُ الرَّحِم تزيدُ في العمرِ» .
الإشارة: يا من غرق في بحر الذات وتيار الصفات (ذلك الكتاب) الذي تسمعه من أنوار ملكوتنا، وأسرار جبروتنا (لا ريب فيه) أنه من عندنا، فلا تسمعه من غيرنا، (فإذا قرأناه فاتبعْ قرآنه) ، فهو هاد لشهود ذاتنا، ومرشد للوصول إلى حضرتنا، لمن اتقى شهود غيرِنا، وغرق في بحر وحدتنا، الذي يؤمن بغيب غيبنا، وأسرار جبروتنا، التي لا تُحيط بها العلوم، ولا تسمو إلى نهايتها الأفكار والمفهوم، الذي جمع بين مشاهدة الربوبية، والقيام بوظائف العبودية، إظهاراً لسر الحكمة بعد التحقق بشهود القدرة، فهو على صلاته دائم، وقلبه في غيب الملكوت هائم، ينفق مما رزقه الله من أسرار العلوم ومخازن الفهوم، فهو دائماً ينفق من سعة علمه وأنوار فيضه، فلا جرم أنه على بينة من ربه.
ولما ذكر الحق تعالى من آمن من العرب، ذكر مَن آمن مِن أهل الكتاب، فقال:
قلت: الموصول مبتدأ، و (أولئك) خبره، أو عطف على (المتقين) ، وحذف المنزل عليه في جانب الكتب المتقدمة، فلم يقُلْ: وما أنزل على مَن قبلك إشارة إلى أن الإيمان بالكتب المتقدمة دون معرفة أعيان المنزل عليهم كاف، إلا من ورد تعيينُه في الكتاب والسنة فلابد من الإيمان به، أما القرآن العظيم فلابد من الإيمان أنه منزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم، فمن اعتقد أنه منزل على غيره كالروافض فإنه كافر بإجماع، ولذلك ذكر المتعلق بقوله:
بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ.
يقول الحق جلّ جلاله: وَالَّذِينَ يصدقون بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يا محمد من الأخبار الغيبية والأحكام الشرعية، والأسرار الربانية والعلوم اللدنية وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من الكتب السماوية، والأخبار القدسية، وهم يُوقِنُونَ بالبعث والحساب والرجوع إلينا والمآب، على نعتٍ ما أخبرتُ به في كتابي وأخبار أنبيائي، أُولئِكَ راكبون على مَتْنِ الهداية، مُسْتَعْلون على محمل العناية، محفوفون بجيش النصر والرعاية، وَأُولئِكَ هُمُ الظافرون بكل مطلوب، الناجون من كل مخوف ومرهوب، دون من عداهم ممن