للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو سمعه من غيره، فلا يُغيرْه بمجرد رأيه وهواه. فإن تحقق منه نقصاً أو ميلاً عن منهاج الطريقة والحقيقة، فأصلحه، فلا إثم عليه، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

ولما ذكر في الآية المتقدمة قاعدتين من قواعد الإسلام في قوله: وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ، بعد أن ذكر قواعد الإيمان، ذكر هنا القاعدة الثالثة، وهي الصيام، فقال:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٨٣ الى ١٨٥]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤) شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)

قلت: (أياماً) منصوب على الظرفية، واختُلِف في العامل فيه، والأحسنُ أنه الصيام، ولا يضره الفصل لأن الظرف يُتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره، و (معدودات) نعت له، و (عدة) مبتدأ أي: فَعَليْهِ عِدَّةٌ. و (أُخر) ممنوع من الصرف للعدل عن الألف واللام والوصف. و (شهر رمضان) إما خبر عن مضمر، أو مبتدأ، والخبر: (فمن شهد) ، أو بدل من (الصيام) ، على حذف مضاف، أي: صيام شهر رمضان.

و (رمضان) مصدر رمَض إذا احترق، وأضيف إليه الشهر، وجُعل عَلَما، ومُنع من الصرف للعلَمية والألف والنون. وسَمَّوْه بذلك إما لارتماض القلب فيه من حر الجوع والعطش، أو لارتماض الذنوب فيه، أو وافق الحرَّ حين نقلوا الشهور عن اللغة القديمة. و (الشهر) ظرف، لقوله: (شهد) أي: حضر، وقوله (ولتكملوا ... ) الآية، هذه ثلاثُ عِللَ لثلاثة أحكام على سبيل اللفّ والنَّشْرِ المعكوس، أي: ولتكملوا العدة أمرتُكم بقضاء عدة أيام أخر، ولتكبروا الله عند تمام الشهر أمرتُكم بصيام الشهر كله، ولعلكم تشكرون أردتُ بكم اليسر دون العسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>