للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج ابن عجيبة فى التفسير]

سار ابن عجيبة فى تفسيره على منهج واضح المعالم، فهو يبدأ فى تفسير السورة ببيان مكان نزولها، وعدد آياتها، ويذكر الاختلاف فى عدد الآيات- إن وجد- مع ذكر مناسبة السورة لما قبلها، وسبب نزولها، - إن وجد- وفضائلها، ومضمونها الإجمالى، ثم يشرع فى تفسير الآيات فيبدأ بالشرح اللغوي للكلمات الغريبة، ذاكرا الإعراب، ثم يبين المعنى المراد معتمدا فى ذلك على القرآن والأحاديث والآثار، وأقوال المفسرين المتقدمين.

وهذه أهم معالم منهج الإمام ابن عجيبة فى تفسيره بإيجاز:

١- تفسير القرآن بالقرآن:

ومن ذلك ما جاء عند تفسيره لقوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ.. «١» فينقل الشيخ- أن الكلمات التي تلقاها آدم هى قوله تعالى: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «٢» ٢- القراءات:

اهتم الشيخ ابن عجيبة بذكر القراءات المختلفة فى الآية، مسجلا المعنى المترتب على ذلك، وهو فى أغلب ذلك ينسب القراءة لصاحبها، وأحيانا يغفل ذلك، فيبهم، ويقول: «وقرئ بكذا» . كما أنه يذكر أحيانا بعض القراءات الشاذة.

٣- أسباب النزول:

من الواضح فى تفسير ابن عجيبة استناده إلى أسباب النزول، ليستعين بها على فهم الآيات. انظر ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ «٣» ، وكذلك قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا.. «٤» والأمثلة كثيرة جدا مما يجعل هذا التفسير من أمهات المراجع فى علم أسباب النزول.

٤- السنة والآثار:

اعتماد ابن عجيبة على السنة الشريفة فى تفسيره للقرآن الكريم سمة واضحة، ومن ذلك ما جاء عند تفسير قوله تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ.. «٥» يستشهد الشيخ على أن إسماعيل عدّ من آباء يعقوب مع أنه عمه، بقوله صلى الله عليه وسلّم: «عَمُّ الرُجلِ صِنْوُ أبيه» ، وقال في العباس: «هذا بقية آبائي» .

كذلك جاء تفسير ابن عجيبة حافلا بنقل الأجلاء من الصحابة والتابعين- رضى الله عنهم-، وحين تتعدد الروايات عن الصحابة فى تفسير كلمة أو آية، فإنه يذكرها، ولا يرجح بعضها على بعض، أو يقدح فى شىء منها، وذلك إشارة منه إلى أن معنى الآية يحتمل جميع المعاني.


(١) الآية ٣٧ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٢٣ من سورة الأعراف.
(٣) الآية ١٩٨ من سورة البقرة.
(٤) الآية ٢٠٤ من سورة البقرة.
(٥) الآية ١٣٣ من سورة البقرة. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>