يقول الحق جلّ جلاله:{سَبّح اسمَ ربك} أي: نزّه اسمه تعالى عن الإلحاد فيه، بالتأويلات الزائغة، وعن إطلاقه على غيره بوجهٍ يوجب الاشتراك في معناه، فلا يُسمى به صنم ولا وثن ولا شيء مما سواه تعالى، قال تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}[مريم: ٦٥] فلا يُقال لغيره تعالى: رب وإله، وإذا كان أَمَر بتنزيه اللفظ فتنزيه الذات أحرى، أو: نزّه اسمه عن ذكره لا على وجه الإجلال والإعظام، أو: نزّه ذاته المقدَّسة عما لا يليق بها، فيكون " اسم " صلة. و " الأعلى " صفة لرب، وهو الأظهر. وعُلوه تعالى: قهريته واقتداره، أو: تعاليه عن سمة الحدوث وعن مدارك العقول، فلا يُحيط به وصف واصف أو علم عارف، لا علو مكان. أو صفة للاسم، وعلوه بعلو مسماه، وقيل: قل: سبحان ربي الأعلى. لمّا نزل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤) } [الواقعة: ٧٤] قال صلى الله عليه وسلم: " اجعلوه في ركوعكم " فلما نزل: {سبح اسم ربك الأعلى} قال: " اجعلوه في سجودكم " وكانوا يقولون في الركوع: لك ركعت، وفي السجود: لك سجدت، فجعلوا هذا مكانه.
{الذي خلق فسَوَّى} أي: خلق كل شيء فسَوَّى خلقه، ولم يأتِ به متفاوتاً غير متلائم، ولكن على إحكام وإتقان، دلالةً على أنه صادر عن عالم حكيم، أو: سَوَّاه على ما يتأتى به كماله ويتيسّر به معاشه، {والذي قَدَّر فهدى} أي: قّدَّر الأشياء في أزله، فهدى