في كل سفر. ومنعه مالك في سفر المعصية. ومنعه ابن حنبل في المعصية والمباح. والمراد بالفتنة في قوله: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ: الجهاد والتعرض لما يُكره، وعداوة الكفار معلومة.
الإشارة: وإذا ضربتم في ميادين النفوس، وتحقق سيرُكم إلى حضرة القدوس، فلا جناح عليكم أن تقتصروا على المهم من الصلاة الحسية، وتدوموا على الصلاة القلبية، التي هي العكوف في الحضرة القدسية، إن خفتم أن تشغلكم عن الشهود حلاوةُ المعاملة الحسية. قال بعض العارفين: اتقوا حلاوة المعاملة، فإنها سموم قاتلة. وكذلك قال القطب ابن مشيش في المقامات كالرضا، والتسليم: أخاف أن تشغلني حلاوتها عن الله. والله تعالى أعلم.
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ أيها الرسول فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ، أي: صلاة الخوف، وكذلك الأمراء النائبون عنه، فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ، وطائفة تقف وجَاهَ العدو للحراسه، وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ أي: المصلون معك، فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا أي: الطائفة الحارسة مِنْ وَرائِكُمْ، فإذا صلَّت نصفَ الصلاة مع الإمام، قضت في صلبه ما بقي لها وذهبت تحرس.
وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ النصف الباقي، فإذا سلمتَ، قضوا ما بقي لهم، فإذا كانت ثنائية: صلَّى بالأولى ركعةَ، وَثَبَتَ قائمًا ساكتًا أو قارئًا، ثم تصلي من صلت معه ركعة وتسلم، وتأتي الثانية فتكبر، فيُصلِي بها ركعةً ويسلم وتقضي ركعة. واذا كانت رباعية، أو ثلاثية صلى بالأولى ركعتين، ثم تقوم الأولى فتصلي ما بقي لها وتسلم وتأتي الثانية فتكبر وتصلي معه ما بقي له، ثم تقضي ما بقي لها. هكذا قاله مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة: يصلي بالأولى ركعّة، ثم تتأخر وهي في الصلاة، وتأتي الثانية فيصلي بها ركعة، فإذا سلَّم ذهبت مكان الأولى قبل سَلاَمها، فتأتي الأولى فتصلي ركعة ثم تُسلَّم، وتأتي الثانية فتصلي ركعة ثم تُسلَّم. وفي