للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ راعني منك الصُدود ... فلعلَّ أيامي تعود

ولعل عهدك باللِّوى ... يحيا فقد تحيا العهود

والغُصن ييبس تارةً ... وتراه مُخْضرّاً يميد.

وقوله تعالى: وَهُوَ الْوَلِيُّ قال القشيري في شرح الأسماء: الولي هو المتولي لأحوال عباده، وقيل معناه:

المناصر، فأولياء الله أنصار دينه، وأشياع طاعته، والوليّ في صفة العبد: هو مَن يواظب على طاعة ربه. ومن علامات مَن يكون الحق سبحانه وليَّه: أن يصونه ويكفيه في جميع الأحوال، ويؤمنه، فيغار على قلبه أن يتعلق بمخلوق في دفع شر أو جلب نفع، بل يكون سبحانه هو القائم على قلبه في كل نَفَس، فيحقق آماله عند إشارته، ويجعل مآربه عند خطراته. ومن أمارات ولايته لعبده: أن يديم توفيقه، حتى لو أراد سوءاً، أو قصد محظوراً، عصمه من ارتكابه. ثم قال: ومن أمارات ولايته: أن يرزقه مودة في قلوب أوليائه. هـ. قلت: «جعل مآربه عند خطراته» ليس شرطاً لأن هذا من باب الكرامة، ولا يشترط ظهورها عند المحققين. ورَوى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل، عن ربه- عز وجل- قال: «من أهان لي وليّاً فقد بارزني بالمحاربة، وإني لأسرع شيء إلى نصرة أوليائي، وإني لأغضب لهم، كما يغضب الليث الحَرِد» «١» انظر بقية الحديث في الثعلبي.

ثم ذكر شواهد قدرته، فقال:

[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٩]]

وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩)

يقول الحق جلّ جلاله: وَمِنْ آياتِهِ الدالة على باهر قدرته ووحدانيته خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على ما هما عليه من تعاجيب الصنعة، فإنها بذاتها وصفاتها تدل على شؤونه العظيمة، وَما بَثَّ أي: فرّق فِيهِما مِنْ دابَّةٍ من حي على الإطلاق، فأطلق الدابة على مطلق الحيوان، ليدخل الملائكة. أو: ما يدب على الأرض،


(١) أخرجه مطولا، البغوي فى التفسير (٧/ ١٩٤- ١٩٥) وعزاه السيوطي فى الدر المنثور (٥/ ٧٠٤) لابن أبى الدنيا فى كتاب الأولياء، والحكيم الترمذي فى نوادر الأصول، وأبى نعيم فى الحلية (٨/ ٣١٥) وابن عساكر فى تاريخه.
وقوله: «الحرد» الحرد: الغيظ والغضب. وحرد الرّجل فهو حرد. انظر اللسان (مادة حرد ٢/ ٨٢٤- ٨٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>