والمحن كالأنموذج لما يجده في الآخرة، وأنه يقع في الكفر والبطر بأدنى شيء لأن الذوق: إدراك المطعم، والمس مبدأ الوصول إليه. هـ.
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا على الضراء إيماناً بالله، واستسلاماً لقضائه، وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ شكراً لآلائه، سابقها ولا حقها، أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم، وَأَجْرٌ كَبِيرٌ أقلة الجنة، وغايته النظرة. والاستثناء مِن الإنسان لأنَّ المراد به الجنس. ومن حمله على الكافر- لسبق ذكرهم- جعله منقطعاً. والله تعالى أعلم.
الإشارة: ينبغي للعبد أن يكون شاكراً للنعم، صابراً عند النقم، واقفاً مع المنعم دون النعم. إن ذهبت من يدة نعمة رَجَى رجوعها، وإن أصابته نقمة انتظر انصرافها. والحاصل: أنه يكون عبد الله في جميع الحالات.
حُكي أن سيدنا موسى عليه السلام قال: يا رب دلني على عمل إذا عملته رضيت عني. قال: إنك لا تطيق ذلك، فخر موسى ساجداً متضرعاً، فقال: يا ابن عمران إن رضاي في رضائك بقضائي. هـ. وقال ابن عباس- رضى الله عنه- أول شيء كتبه الله في اللوح المحفوظ: أنا اللهُ لا إِله إلاّ أنا، محمد رسولي، فمن استسلم لقضائي، وصبر على بلائي، وشكر نعمائي، كتبته صديقاً، وبعثته مع الصديقين، ومن لم يستسلم لقضائي، ولم يَصْبِرْ على بَلائِي، ولم يشكر نعمائي، فليتخذ رباً سوائي. هـ. ورُوي عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال: ثلاث من رزقهن رزق خير الدنيا والآخرة:
الرضا بالقضاء، والصبر على الأذى، والدعاء في الرخاء. هـ.
من جملة الأذى: التكذيب والإنكار، كما أبان ذلك بقوله تعالى لنبيه- عليه الصلاة والسلام-:
يقول الحق جلّ جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلّم: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ، فلا تبلغه وهو ما فيه تشديد على المشركين، مخافة ردهم واستهزائهم به. ولا يلزم من توقع الشيء وقوعه. فالعصمة مانعة من ذلك. فالرسول- عليه الصلاة والسلام- لم يترك شيئاً من الوحي إلا بلغه، ولكن الحق تعالى شجعه وحرضه على التبليغ في المستقبل. ولو قوبل بالإنكار.