قلت:(أَنْ أَخْرِجْ) : إما تفسيرية لا محل لها، أي: وقلنا: أن أخرج لأن في الإرسال معنى القول، أو على إسقاط الخافض، أي: بأن أخرج فإنَّ صيغ الأفعال سواء في الدلالة على المصدر، فيصح أن توصل بها «أَنْ» الناصبة.
يقول الحق جلّ جلاله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا كاليد والعصا، وسائر معجزاته التسع، وقلنا له:
أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ بني إسرائيل، وفرعون وملأه مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، أما فرعون وملؤه فظاهر، وأما بنو أسرائيل فقد كان فرعون فَتَنَ جُلّهم، وأضلهم مع القبط، فكانوا أشياعاً متفرقين، لم يبق لهم دين. فإن قلتَ: إذا كان موسى عليه السلام مبعوثاً إلى القبط، فِلمَ لَمْ يرجع إليهم بعد خروجه عنهم إلى الشام؟ فالجواب: أنه لما بلَّغهم الرسالة قامت الحجة عليهم، فيجب عليهم أن يهاجروا إليه للدين.
ثم أمره بالتذكير فقال: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ: بوقائعه التي وقعت على الأمم الدراجة قبلهم، وأيام العرب:
حروبها. أو ذكِّرهم بِنَعم الله وآلائه، وبنقمه وبلائه فالأيام تطلق على المعنيّين. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ في بلائه، شَكُورٍ لنعمائه. وإنما خصه لأنه إذا سمع ما نزل على من قبله من البلاء، وأُفِيض عليهم من النعماء، اعتبر وتنبه لما يجب عليه من الصبر والشكر. وقيل: المراد لكل مؤمن، وإنما عبَّر عنهم بذلك تنبيهاً على أن الصبر والشكر عنوان الإيمان. قاله البيضاوي.