الإشارة: أولو الأمر عند الصوفية، هم شيوخ التربية العارفون بالله، فيجب على المريدين طاعتهم في المنشط والمكره، وفي كل ما أمروا به، فمن خالف أو قال:«لِمَ» لَم يفلح أبدًا، ويكفي الإشارة عن التصريح عند الحذاق أهل الاعتناء، فإن تعارض أمر الأمراء وأمر الشيوخ، قدَّم أمر الشيخ إلا لفتنة فادحة، فإن الشيخ يأمر بطاعتهم أيضًا لما يؤدي من الهرج بالفقراء، فإن تنازعتم يا معشر الفقراء، في شيء من علم الشريعة أو الطريقة، فردوه إلى الكتاب والسنُّة. قال الجنيد رضي الله عنه: طريقتنا هذه مؤيدة بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويتعلم الحديث لا يُقتدى به في هذا الشأن. هـ. ويكفي المهم من ذلك، وهو ما يتوقف عليه أمر عبادته. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر الحق تعالى من أعرض عن حكم الله ورسوله، ورضى بحكم غيرهما، فقال:
قلت:(رأيت المنافقين) ، وضع الظاهر موضع المضمر تسجيلاً عليهم بالنفاق وذمًا لهم به. وكان القياس: رأيتهم، و (صدودًا) : مصدر، أو اسم مصدر الذي هو الصد، والفرق بينه وبين المصدر: أن المصدر اسم للمعنى الذي هو الحدث، واسم المصدر اسم للفظ المحسوس، و (يحلفون) حال. و (في أنفسهم) يتعلق بقُل، وقيل ببليغًا. وهو ضعيف لأن الصفات لا يتقدم عليها معمولها، اللهم إلا أن يتوسع في الظروف.
يقول الحق جلّ جلاله: أَلَمْ تَرَ يا محمد إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وهم المنافقون، يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ، كعب بن الأشرف لفرط طغيانه.
وفي معناه كل من يحكم بالباطل، وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ، ويؤمنوا بالله ويرضوا بحكمه. وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً، بأن يصرفهم عن حكم الله ورسوله.