أي: عندهم، حين كانوا يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ لما اقترعوا، أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ في كفالتها، فتخبرهم عما شهدت، بل لم يكن شيء من ذلك، فتعين أن يكون وحيا حقيقا، لأنه عليه الصلاة والسلام- كان أمياً لم يطالع شيئاً من كتب الأخبار، ولا جلس إلى من طالعهم من الأحبار، بإجماع الخاص والعام. والله تعالى أعلم.
الإشارة: اعلم أن الوحي على أربعة أقسام: وحي منام، ووحي إلهام، ووحي أحكام، ووحي إعلام، وشاركت الأولياءُ الأنبياءَ في ثلاثة: الإلهام والمنام والإعلام، إن كان بغير الملَك، ومعنى وحي إعلام: هو إطلاع الله النبيّ على أمور مغيبة، فإن كان بواسطة الملك، فهو مختص بالأنبياء، كما اختصت بوحي الأحكام، وأما إن كان بالإلهام أو بالمنام أو بالفهم عن الله، فيكون أيضاً للأولياء، إذ الروح إذا تصفت وتطهرت من دنس الحس أطلعها الله على غيبه في الجملة، وأما التفصيل فلا يعلمه إلا علاّم الغيوب. والله أعلم.
ثم ذكر الحق تعالى البشارة بعيسى عليه السلام، وهو المقصود الأعظم من هذه القصص ليتخلص للرد على النصارى فى زعمهم الفاسد فيه، فقال: