وحكم الأَمة واحد، إلا ما خصّه الدليل. هـ. وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ الذي يريد أن يكونه مَفْعُولًا مكوناً لا محالة، كما كان تزويج زينب.
ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ أي: حلّ له، أو: قسم له، من قولهم: فرض له في الديوان كذا، وفروض العساكر، لأرزاقهم. أي: لا حَرج على النبي فيما حلّ له وأمر به، كتزويج زينب، أو: قسم له من عدد النساء بلا حدّ، سُنَّةَ اللَّهِ: مصدر مؤكد لِمَا قبله من قوله: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ أي:
سُنَّ ذلك سُنَّة في الأنبياء الماضين، وهو: ألا حرج عليهم في الإقدام على ما أحلّ لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره. وكانت تحتهم المهائر «١» والسراري، وكانت لداود عليه السلام مائة امرأة، وثلاثمائة سُرِّية. فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أي: في الأنبياء الذين مضوا من قبله، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً أي: قضاءً مقضياً، وحكماً مثبوتاً مبرماً، لا مرد له.
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ، هو صفة ل «لذين خلوا من قبل» ، أو: بدل منه، أو: مدح لهم منصوب، أو:
مرفوع، أي: هم الذين، أو: أعني الذين يُبلغون رسالات الله، وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ، ونبينا صلى الله عليه وسلم من جملتهم ومن أشرفهم، وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً للمخاوف، أو: محاسباً، فينبغي ألا يُخشى إلا منه تعالى.
الإشارة: إذا تمكن العبدُ مع مولاه وتحققت محبته فيه، كانت حوائجه مقضية، وهمته كلها نافذة، إذا اهتم بشيء، أو خطر على قلبه شيء، مكّنه الله منه، وسارع في قضائه، كما فعل مع حبيبه، حين خطر بباله تزوج زينب، أعلمه أنه زوَّجه إياها. وأهل مقام الفناء جُلهم في هذا المقام، إذا اهتموا بشيء كان، إذا ساعدتهم المقادير، وإلا فسوابقُ الهِمَم لا تخرق أسوارَ الأقدار، ولذلك قال هنا: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً. وصفة أهل الهمم القاطعة: أنهم لا يخافون إلا الله، ولا يخشون أحداً سواه، لا يخافون في الله لومة لائم، ذِكْرُهم لله دائم، وقلبُهم في الحضرة هائم. وبالله التوفيق.
ثم ردّ على مَن قال: إنه- عليه الصلاة والسلام- تزوج امرأة ابنه، فقال: