للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر قصة هود عليه السّلام، فقال:

[سورة هود (١١) : الآيات ٥٠ الى ٥٢]

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لآَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢)

قلت: «أخاهم» : عطف على نوح في قوله: (ولقد أرسلنا نوحاً) ، و (هوداً) : بدل.

يقول الحق جلّ جلاله: وَأرسلنا إِلى قبيلة عادٍ أَخاهُمْ هُوداً، قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده، ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ يستحق أن يعبد، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ على الله، باتخاذ الأوثان آلهة.

يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ: على التبليغ أَجْراً حتى يثقل عليكم، أو تتهموني لأجله، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي خلقني. بهذا خاطب كل رسول قومَه إزاحةً للتهمة، وتمحيصاً للنصيحة، فإنها لا تنجع ما دامت مشوبة بالمطامع. أَفَلا تَعْقِلُونَ: أفلا تستعملون عقولكم فتعرفوا المحق من المبطل، والصواب من الخطأ.

وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ من الشرك، ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ، ثم ارجعوا إليه بطاعته فيما أمر ونهى. أو: ثم توبوا من المعاصي لأن التوبة من الذنوب لا تصح إلا بعد الإيمان، والتطهير من الشرك، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أي: كثير الدر، أي النزول، وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ: يضاعف قوتكم، ويزدكم فيها. وإنما دعاهم إلى الله، ووعدهم بكثرة المطر وزيادة القوة لأنهم كانوا أصحاب زروع وعمارات. وقيل: حبس اللهُ عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم ثلاثين سنة فوعدهم هود عليه السلام على الإيمان والتوبة بالأمطار وتضاعف القوة بالتناسل. قاله البيضاوي.

وقال ابن جزي: وفي الآية دليل على أن التوبة والاستغفار سبب لنزول المطر. رُوي: أن عاداً كان المطر قد حُبس عنهم ثلاث سنين، فأمرهم بالتوبة والاستغفار، ووعدهم على ذلك بالمطر. هـ. وَلا تَتَوَلَّوْا: ولا تُعرضوا عما أدعوكم إليه، مُجْرِمِينَ مصرين على إجرامكم.

الإشارة: في تكرير القصص والأخبار وَعظ وتذكير لأهل الاعتبار، وزيادة إيقان لأهل الاستبصار، وتهديد وتخويف لأهل الإصرار، وحث على المبادرة إلى التوبة والاستغفار. قوله تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) ، أي: استغفروا ربكم من الشرك الخفي، ثم توبوا إليه من النظر إلى وجودكم، ورؤية أعمالكم، يرسل سحاب

<<  <  ج: ص:  >  >>