قلت:(إما) : شرط مؤكد بما ذكره بحرف الشك للتنبيه على أن إتيان الرسل جائز، غير واجب، كما ظنه المعتزلة، وجوابه:(فمن اتقى..) الخ، وإدخال الفاء في الجواب الأول دون الثاني للمبالغة في الوعد والمسامحة في الوعيد. قاله البيضاوي.
يقول الحق جلّ جلاله: يا بَنِي آدَمَ مهما يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي الدالة على توحيدي ومعرفتي، فَمَنِ اتَّقى الشرك والتكذيب، وَأَصْلَحَ فيما بيني وبينه، منكم، بالعمل الصالح، فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ، فمِن كمال الإيمان: أن يقدر الإنسان نفسه أن لو كان في زمان كل رسول، لكان أول من تبعه، ولكان من خواص أصحابه، هكذا يسير بعقله مع كل رسول من زمان آدم عليه السلام إلى مبعث رسولنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.
والله تعالى أعلم.
الإشارة: قد جعل الله لكل نبي خلفاء يخلفونه في تبليغ أحكامه الظاهرة والباطنة، وهم العلماء الأتقياء، والأولياء العارفون الأصفياء، فمن أراد أن يكون ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فليتبع علماء أهل زمانه في الشريعة، وأولياء أهل عصره في تربية الحقيقة. وبالله التوفيق.
يقول الحق جلّ جلاله: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن نسب إليه الولد والشريك، أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ التي جاءت بها الرسل من عنده، أي: لا أحد أظلم منه، أو: تَقوَّل على الله ما لم يقله، وكذب بما