لأن بعض ما يشاؤون يقع قبل دخول الجنة، من تكفير السيئات، والأمن من الفزع الأكبر، وسائر أهوال القيامة.
ذلِكَ الذي ذكر من حصول كل ما يشاءونه جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ أي: الذين أحسنوا أعمالهم في الدنيا.
لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا، اللام متعلق بقوله: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ لأنه في معنى الوعد، كأنه قيل: وعد الله لهم جميع ما يشاءونه من دفع المضار وحصول المسار ليكفر عنهم بموجب ذلك الوعد أسوأ الذي عملوا، أي: أقبحه وأعظمه، وأولى أصغره. وقيل: يتعلق بمحذوف، أي: يسر لهم الصدق والتصديق ليكفر.. إلخ.
وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ فإذا كان في عملهم حسن وأحسنُ منه، جزاهم بجزاء الأحسن على الجميع، تكرُّماً منه وإحساناً.
والحاصل: أنه سبحانه لكرمه يكفر السيّء والأسوأ بالأحروية، ويجزي على الحسن بجزاء الأحسن منه والأرجح، كمَن أهدى لملك هديتين صغيرة وكبيرة فكافأه على الصغيرة بقدر ما كافأه على الكبيرة. قال القشيري: وأحسن أعمال المؤمن: الإيمان والمعرفة، فيكون على أحسن الأعمال أحسن الثواب، وهو الرؤية. هـ.
وإظهار اسم الجليل في موضع الإضمار، لإبراز كمال الاعتناء بمضمون الكلام، والجمع بين الماضي والمستقبل في صلة الموصول الثاني- أي: الذي كانوا يعملون- دون الأول للإيذان باستمرارهم على الأعمال الصالحة، بخلاف السيئة.
الإشارة: كل مَن ادعى حالاً مع الله، وليست متحققة فيه، فقد كذب على الله، وكل من أنكر على أولياء زمانه فقد كذّب بالصدق إذ جاءه. وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ، وهو مَن أُذن له في التذكير أو التربية. وَصَدَّقَ بِهِ، وهو مَن سمع وتبع، أولئك هم المتقون، دون غيرهم، لهم ما يتمنون عند ربهم في الدنيا والآخرة، ذلك جزاء أهل مقام الإحسان، الذين يعبدونه على العيان، يُغطي وصفهم بوصفه، ونعتهم بنعته، فيوصلهم بما منه إليهم، لا بما منهم إليه، ثم يكفيهم جميع الشرور، كما قال تعالى: