الإشارة: قال في التنوير: أبى المحققون أن يشهدوا غير الله لما حققهم به من شهود القيومية، وإحاطة الديمومية. هـ. فمن فتح الله بصيرته، لم يشهد مع الحق سواه إذ الأكوان ثابتة بإثباته، ممحوة بأحدية ذاته، فما حجبك عن الحق وجود موجود معه إذ لا شيء معه، وإنما حجبك توهُّم موجود معه» . فمن غاب عن ثنوية نفسه غاب عن ثنوية الأكوان، ووقع على عين الشهود والعيان. فما ظهر في الوجود إلا أسرار ذاته وأنوار صفاته. وبالله التوفيق.
قلت: الضمير في (يَجْعَلُونَ) للكفار، وفى (يَعْلَمُونَ) لهم، أو للأصنام. و (لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) : يجوز أن يكون (ما يَشْتَهُونَ) مبتدأ، وخبره:(لَهُمْ) ، وأن يكون مفعولاً بفعل مضمر، أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، وأن يكون معطوفًا على البنات، وهذا منعه البصريون لاتحاد الفاعل والمفعول، وهو الواو، وضمير لهم في الغيبة، فلا يقال:
زيد ضربه، وإنما يقال: ضرب نفسه، ولا يقال: أنا ضربتني، ويجوز ذلك في أفعال القلوب. وقال البيضاوي:
ولا يبعد تجويزه في المعطوف، كما في الآية.
يقول الحق جلّ جلاله: وَيَجْعَلُونَ أي: كفار العرب لِما لا يَعْلَمُونَ إلاهيتهم ببرهان ولا حجة، وهم الأصنام. أو: لِمَا لا علم لهم من الجمادات التي يعبدونها، نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الزرع والأنعام، بقولهم:
هذا لله وهذا لشركائنا، تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ سؤال توبيخ وعتاب عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ من أنها آلهة بالتقرب إليها، أو عما كنتم تفترون على الله من أنه أَمَرَكم بذلك.
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ من قولهم: الملائكة بنات الله، وكانت خزاعة وكنانة يقولون ذلك. سُبْحانَهُ تنزيهًا له عن ذلك، وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، وهم البنون، والمعنى: أنهم يجعلون لله البنات التي يكرهونها- وهو منزه عن الولد-، ويختارون لأنفسهم ما يشتهون من الذكور. وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى