يقول الحق جلّ جلاله:{والنازعاتِ} أي: والملائكة التي تنزع الأرواح من أجسادها، كما قال ابن عباس، أو أرواح الكفرة، كما قاله هو أيضاً وابن مسعود، {غَرْقاً} أي: إغراقاً، من: أَغرق في الشيء: بالغ فيه غايةً، فإنها تُبالغ في نزعها فتخرجها من أقاصي الجسد. قال ابن مسعود: تنزع روح الكافر مِن جسده من تحت كل شعرة، ومِن تحت الأظافر، ومن أصول القدمين، ثم تفرقها في جسده، ثم تنزعها حتى إذا كادت تخرج تردها في جسده، فهذا عملها بالكفار دون المؤمنين. أو: تُغرقها في جهنم، فهو مصدر مؤكد.
{والناشطاتِ نشطاً} أي: ينشطونها ويخرجونها من الجسد، من: نَشط الدلو من البئر: أخرجها. {والسابحاتِ سَبْحاً} أي: يسبحون بها في الهوى إلى سدرة المنتهى. شبّه سرعة سيرهم بسبح الهوام، أو يسبحون في إخراجها سبح الغواص الذي يخرج من البحر ما يخرج، {فالسابقاتِ سبقًا} فيسبقون بأرواح الكفرة إلى النار، وبأرواح المؤمنين إلى الجنة، {فالمُدبراتِ أَمْراً} تُدبر أمر عقَابها وثوابها، بأن تهيئها لإدراك ما أعدّ لها من الآلام والثواب، أو السابحات التي تسبح في مضيها، فتسبق إلى ما أمروا به، فتدبر أمراً من أمور العباد، مما يصلحهم في دينهم ودنياهم كما رُسم لهم.