الإشارة: وإن استجارك- أيها العارف- أحد من عوام المسلمين ممن لم يدخل معكم بلاد الحقائق، وأراد أن يسمع شيئاً من علوم القوم، فأجره حتى يسمع شيئاً من علومهم وأسرارهم، فلعل ذلك يكون سبباً في دخوله في طريق القوم. ولا ينبغي للفقراء أن يطردوا من يأتيهم من العوام، بل يتلطفوا معهم، ويسمعوهم ما يليق بحالهم لأنَّ العوام لا علم لهم بما للخواص، فإن اطلعوا على ما خصهم الله به من العلوم دخلوا معهم، إن سبق لهم شيء من الخصوصية.
وقال شيخ شيوخنا سيدي علي الجمل رضى الله عنه: لا ينبغي لأهل الخصوصية أن يدخلوا بلد العموم إلا في جوار أحد منهم، وإلا أنكرته البلد لأن البلد أم تغير على غير أبنائها، ولا ينبغي أيضاً للعموم أن يدخلوا بلد الخصوص إلا في جوار رجل منهم، وإلا أنكرته البلد. هـ. بالمعنى.
ثم استبعد الحق أن يكون للمشركين عهد مع المسلمين، فقال:
قلت:(إلا الذين) : محله النصب على الاستثناء، أو جر على البدل من «المشركين» ، أو رفع على الانقطاع، أي:
لكن الذين عاهدتم فما استقاموا لكم، و (الإل) : القرابة والحِلف، وحذف الفعل في قوله:(كيف وإن يظهروا عليكم) للعلم به بما تقدم، أي: كيف يكون لهم عهد والحال إِنهم إِن يَظْهَرُوا عليكم.. الخ يقول الحق جلّ جلاله، في استبعاد العهد من المشركين والوفاء به: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ؟ مع شدة حقدهم وعداوتهم للرسول وللمسلمين، مع ما تقدم لهم من النقض والخيانة فيه، إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ قيل: هم المستثنون قبلُ. وقال ابن اسحاق: هي قبائل بني بكر، كانوا