للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما شاع خبر زليخا مع يوسف عليه السّلام، عاب عليها بعض النسوة، كما قال تعالى:

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٣٠ الى ٣٤]

وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)

قلت: (نسوة) : اسم جمع لامرأة. وتأنيثه غير حقيقي، ولذلك جرد فعله من التاء. و (في المدينة) متعلق بقال، أي: أشعن الخبر في المدينة، أو: صفة لنسوة، فيتعلق بالاستقرار. و (حباً) : تمييز. و (حاشَ لله) : قال أبو علي الفارسي: هي هنا فعل، والدليل على ذلك من وجهين، أحدهما: أنها دخلت على لام الجر، ولا يدخل حرف على حرف. والآخر: أنها حذف منها الألف، على قراءة الجماعة، والحروف لا يحذف منها شيء. وقرأها أبو عمرو بالألف على الأصل، والفاعل بحاش ضميرُ يوسف، أي: بعد يوسف عن الفاحشة لخوف الله.

وقال الزمخشري: حاش: وضع موضع المصدر، كأنه قال: تنزيهاً لله. وحذف منه التنوين مراعاة لأصله من الحرفية. وقال البيضاوي: هو حرف يفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء، فوضع موضع التنزيه. واللام للبيان، كما فى قولك: سقيالك. هـ. و (ليكونن) : نون التوكيد الخفيفة كتبت بالألف لشبهها بالتنوين.

يقول الحق جلّ جلاله: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ: مصر، وكانوا خمساً: زوجة الحاجب، والساقي، والخباز، والسجان، وصاحب الدواب. قلن: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها: خادمها عَنْ نَفْسِهِ أي: تطلب مواقعه غلامهِا إياها، قَدْ شَغَفَها حُبًّا قد دخل شغاف قلبها حُبُّه، وهو غلافه، إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ في خطأ عن الرشد بيِّن ظاهر. فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ باغتيابهن. وسماه مكراً لأنهن أخفينَه كما يخفي الماكر مكره. وقيل: كانت اسْتَكتَمَتهن سرها فأفشينه. فلما بلغها إفشاؤه أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ تدعوهن. قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>