للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق السموات والأرض دالاًّ بذلك على توحيده، وكماله في أوصافه وتدابيره، المقتضية لترتُّب دار الجزاء على دار العمل، بحيث لا يُسَوِّي بين مبطل ومحق، فأرشد بخلق الأشياء إلى حكمته دلالة، ثم بإنزال الوحي بذلك قالة، ومع وضوح الأمر في دلالتهما أعرض الذين كفروا من غير دليل عقلي ولا نقلي متواتر ولا آحاد، على أنَّ ما اقتضاه الوحي إلى محمد من التوحيد، والجزاء المرتب على الإخلاص له، والصدق في عبودية الله، والدعاء إلى محاسن الأخلاق، مما اجتمعت عليه الرسل قبله، فليس بمبدع مِن عنده. هـ. من الحاشية.

الإشارة: حم يا حبيب ممجد، قد مجدناك بإنزال كتابتا، وعززناك برسالتنا، ما خلقنا الكائنات إلا ملتبسة بأسرار الحق، وأهل الغفلة معرضون عن هذا.

قال القشيري: حَمَيْتُ قلوبَ أهل عنايتي، فصرفتُ عنها خواطر التجويز، ورميتها في مشاهد اليقين بنور التحقيق، فيها شواهد برهانهم، أي: برهان العيان- فأضفنا إليها لطائف إحساننا، فكملت مَنالها من عين الوصلة.

وغديناهم بنسيم الأنس في ساحات القربة. (العزيز) المعز للمؤمنين بإنزال الكتب، (الحكيم) لكتابه عن التبديل والتحويل. هـ. وخواطر التجويز هي خواطر الشك في المقدور، يجوز الوقوع وعدمه بسبب ضعف اليقين، فإذا انتفى عن القلب خواطر التجويز، دخله السكون والطمأنية، وارتاح في ظل برد الرضا والتسليم. والله تعالى أعلم.

ثم وبّخهم على الشرك بعد ظهور بطلانه، فقال:

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٤ الى ٦]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦)

يقول الحق جلّ جلاله: قُلْ يا محمد، توبيخاً وتبكيتاً لهم: أَرَأَيْتُمْ أخبروني ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، ما تعبدون من الأصنام من دون الله، أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أيّ شيء خَلقوا في الأرض إن كانوا آلهة؟ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أي: أم لهم شركة مع الله في خلق السموات، حتى يتوهم

<<  <  ج: ص:  >  >>