يتولى الله قبض أرواحهم بيده، فتطيب أجسادهم به، فلا يعدوا عليها الثرى، حتى يُبعثوا بها مُشْرِقَةً بنور البقاء الأبد مع الباقي الأحد عزّ وجل. هـ.
وقال أبو يزيد رضي الله عنه: أولياء الله تعالى عرائس، ولا يَرَى العرائسَ إلا من كان مَحرماً لهم، وأما غيرهم فلا. وهم مخبأون عنده في حجاب الأنس، لا يراهم أحد في الدنيا ولا في الآخرة. هـ. وجميع ما أجاب به الأنبياءُ قومَهم يجيب به الأولياءُ من أنكر عليهم، من قوله:(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) ، من التعلق بالأسباب والانهماك في الحظوظ، ومتابعة الهوى، وحب الدنيا، ومن قولهم:(فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) إلى تمام ما أجابوا به. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر تخويف الكفار للرسل بإخراجهم من الديار، فقال:
قلت:(وَاسْتَفْتَحُوا) : معطوف على (فَأَوْحى) إن كان الضمير للرسل، واستئناف إن كان للكفار. و (يُسْقى) :
معطوف على محذوف، أي: يلقى فيها ويسْقى، و (صَدِيدٍ) : عطف بيان لماء، و (يَتَجَرَّعُهُ) : صفة لماء، أو حال من ضمير (يُسْقى) .
يقول الحق جلّ جلاله: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ تخويفاً لهم: والله لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا، حلفوا ليكونن أحد الأمرين إما إخراج الرسل من ديارهم، أو عودهم إلى ملتهم، والعود هنا بمعنى الصيرورة لأنهم لم يكونوا على ملتهم، كما تقدم في قصة شعيب عليه السلام. ويجوز أن يكون الخطاب لكل رسول، ولمن آمن معه، فغلّب الجماعة على الواحد، وقال الذين كفروا في كل عصر لكل رسول أتاهم: لنخرجنك، أو لتُعودنَّ في ملتنا. فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ أي: إلى رسلهم، مجتمعين أو مفترقين- على القولين- وقال في إيحائه: والله لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ فتخلى بلادهم، وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ أي: أرضهم وديارهم،