وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ، فألقاها، فصارت ثعبانًا عظيمًا، على قدر الجبل، وقيل: إنه طال حتى جاوز النيل، فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ أي: تبتلع ما يَأْفِكُونَ ما يُزَوِّرُونَهُ من إفكهم وكذبهم. رُوِي أنها لما ابتلعت حبالهم وعصيهم، وكانت ملأت الوادي، فابتلعتها بأسرها، أقبلت على الحاضرين، فهربوا وازدحموا حتى هلك منهم جمع عظيم، ثم أخذها موسى فصارت عصًا كما كانت، فقال السحرة: لو كان هذا سحرًا لبقيت حبالنا وعصينا.
يقول الحق جلّ جلاله: وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ على وجوههم ساجِدِينَ لما عرفوا الحق وتحققوا به، فآمنوا لأن الحق بهرهم، واضطرهم إلى السجود بحيث لم يتمالكوا، أو ألهمهم الله ذلك وحملهم عليه، حتى ينكسر فرعون بالذين أراد بهم كسر موسى، وينقلب الأمر عليه.
قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ. رَبِّ مُوسى وَهارُونَ أبدلوا الثاني من الأول لئلا يتوهم أنهم أرادوا به فرعون.
قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ أي: بالله أو بموسى، قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ أي: إن هذه لَحيلة صنعتموها أنتم وموسى فِي الْمَدِينَةِ في مصر، ودبرتموها قبل أن تخرجوا للميعاد لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها أي: القبط، وتخلص لكم ولبني إسرائيل، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة ما صنعتم.