يقول الحق جلّ جلاله: وَأرسلنا لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ واعظًا لهم: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي:
اللواط توبيخًا وتقريعًا على تلك الفعلة المتناهية في القبح، ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ أي: ما فعلها أحد قبلكم، وبخهم على أمرين: إتيان الفاحشة، واختراعها أولاً، ثم قال لهم: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ، وصفهم بالشهوة البهيمية، وفيه تنبيه على أنَّ العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة:
طلب الولد وإبقاء النوع لا قضاء الوطر، بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ أي: عادتكم السرف في كل شيء، حتى تجاوزتم ما أحل الله لكم من النساء إلى ما حرم عليكم من إتيان الذكور، وهو إضراب عن الإنكار إلى الإخبار بحالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها وهي اعتياد الإسراف في كل شيء، أو عن الإنكار عليها إلى الذم لهم على جميع معايبهم، أو عن محذوف، مثل: لا عذر لكم فيه، بل أنتم قوم عادتكم الإسراف. قاله البيضاوي.
وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ له حين وعظهم، إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ أي: لوط ومن آمن به، مِنْ قَرْيَتِكُمْ أي: ما أجابوه بشيء يصلح للجواب، لكن قابلوا نصحه بالأمر بإخراجه من قريتهم، والاستهزاء بهم، حيث قالوا: إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ من الفواحش.
قال تعالى: فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ أي: من آمن معه، إِلَّا امْرَأَتَهُ فإنها كانت تسر الكفر كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي: الباقين في ديارهم فهلكوا وهلكت معهم.