مكية. وهى مائة وثمانى عشرة آية، قيل: مناسبة افتتاح السورة بالفلاح أنه قال فيما قبلها: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «١» على سبيل الرجاء، وحققه هنا بشرطه فى الجملة، ثم لمّا ذكر وراثة المتصف بتلك الأوصاف للفردوس، وذلك يتضمن المعاد، ذكر النشأة الأولى دلالة على صحته، أي: المعاد، ثم لمّا ذكر ابتداء خلق الإنسان وانتهاء أمره ذكّره بنعمه، فقال: لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ، وَأَنْزَلْنا، فَأَنْشَأْنا.. الآيات، ولمّا كانت هذه النعم على الإنسان تقتضى منه الشكر بالطاعة والتوحيد للكريم المنّان، ثم إن أصنافا من الكفرة قابلوها بالكفران، فلذلك ذكر قصصهم بعد ذكرها، بقوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً ... إلخ. فهذا ما تضمنته السورة من الترتيب، قال تعالى:
يقول الحق جلّ جلاله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ أي: فازوا بكل مطلوب، ونالوا كل مرغوب، فالفلاح: الفوز بالمرام والنجاة من المكاره والآلام، وقيل: البقاء في الخير على الأبد، وقد تقتضي ثبوت أمر متوقع، فهي هنا لإفادة ثبوت ما كان متوقع الثبوت من قبل، وكان المؤمنون يتوقعون مثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبوت الفلاح لهم، فخُوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه. والإيمان في اللغة: التصديق بالقلب، والمؤمن: المصدِّق لِما جاء به الشرع، مع الإذعان بالقلب، وإلا.. فكم من كافر صدّق بالحق ولم يذعن، تكبُّراً وعناداً، فكل من نطق بالشهادتين،